شرح العقيدة الطحاوية - ابن أبي العز الحنفي - الصفحة ١٣٤
وثانيها قول من يقول يمكن دوامها في المستقبل دون الماضي كقول كثير من أهل الكلام ومن وافقهم من الفقهاء وغيرهم والثالث قول من يقول يمكن دوامها في الماضي والمستقبل كما يقوله أئمة الحديث هي من المسائل الكبار ولم يقل أحد يمكن دوامها في الماضي دون المستقبل ولا شك أن جمهور العالم من جميع الطوئف يقولون إن كل ما سوى الله تعالى مخلوق كائن بعد أن لم يكن وهذا قول الرسل وأتباعهم من المسلمين واليهود والنصارى وغيرهم ومن المعلوم بالفطرة أن كون المفعول مقارنا لفاعله لم يزل ولا يزال معه ممتنع محال ولما كان تسلسل الحوادث في المستقبل لا يمنع أن يكون الرب سبحانه هو الآخر الذي بعده شئ فكذا تسلسل الحوادث في الماضي لا يمنع أن يكون سبحانه وتعالى هو الأول الذي ليس قبله شئ فان الرب سبحانه وتعالى لم يزل ولا يزال يفعل ما يشاء ويتكلم إذا يشاء قال تعالى * (قال كذلك الله يفعل ما يشاء) * وقال تعالى * (ولكن الله يفعل ما يريد) * وقال تعالى * (ذو العرش المجيد فعال لما يريد) * وقال تعالى * (ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله) * وقال تعالى * (قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا) * والمثبت انما هو الكمال الممكن الوجود وحينئذ فإذا كان النوع دائما فالممكن والأكمل هو التقدم على كل فرد من الافراد
(١٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 ... » »»