معاملة المسلمين لإظهارهم الإسلام كما كان يظهره المنافقون في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ويبطنون الكفر وهو يعاملهم معاملة المسلمين لما يظهر منهم فلو أنه ظهر من أحد منهم ما يبطنه من الكفر لأجرى عليه حكم المرتد ولكن في قبول توبته خلاف والصحيح عدم قبولها وهي رواية معلى عن أبي حنيفة رضي الله عنه والله المستعان قوله ونؤمن بما جاء من كراماتهم وصح عن الثقات من رواياتهم ش فالمعجزة في اللغة تعم كل خارق للعادة و كذلك الكرامة في عرف أئمة أهل العلم المتقدمين ولكن كثير من المتأخرين يفرقون في اللفظ بينهما فيجعلون المعجزة للنبي والكرامة للولي وجماعها الأمر الخارق للعادة فصفات الكمال ترجع إلى ثلاثة العلم والقدرة والغني وهذه الثلاثة لا تصلح على الكمال إلا لله وحده فإنه الذي أحاط بكل شيء علما وهو على كل شيء قدير وهو غني عن العالمين ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يتبرأ من دعوى هذه الثلاثة بقوله * (قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم إني ملك إن أتبع إلا ما يوحى إلي) * وكذلك قال نوح عليه السلام فهذا أول أولي العزم وأول رسول بعثه الله إلى أهل الأرض وهذا خاتم الرسل وخاتم أولي العزم وكلاهما تبرأ من ذلك وهذا لأنهم يطالبونهم تارة بعلم الغيب كقوله تعالى * (يسألونك عن الساعة أيان مرساها) * وتارة بالتأثير كقوله تعالى * (وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا) * الآيات وتارة يعيبون عليهم الحاجة البشرية كقوله تعالى * (وقالوا ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق) * فأمر الرسول أن يخبرهم بأنه لا يملك ذلك وإنما ينال من تلك الثلاثة بقدر ما يعطيه الله فيعلم ما علمه الله إياه ويستغني عما أغناه عنه
(٥٥٨)