شرح العقيدة الطحاوية - ابن أبي العز الحنفي - الصفحة ٥٢٥
لم يتوق النفي والتشبيه زل ولم يصب التنزيه ويأتي في كلامه أن الإسلام بين الغلو والتقصير وبين التشبيه والتعطيل فقول الشيخ رحمه الله لا كأحد من الورى نفى التشبيه ولا يقال إن الرضى إرادة الإحسان والغضب إرادة الانتقام فإن هذا نفي للصفة وقد اتفق أهل السنة على أن الله يأمر بما يحبه ويرضاه وإن كان لا يريده ولا يشاؤه وينهى عما يسخطه ويكرهه ويبغضه ويغضب على فاعله وإن كان قد شاءه وأراده فقد يحب عندهم ويرضى ما لا يريده ويكره ويسخط لما أراده ويقال لمن تأول الغضب والرضى بإرادة الإحسان لم تأولت ذلك فلا بد أن يقول إن الغضب غليان دم القلب والرضى الميل والشهوة وذلك لا يليق بالله تعالى فيقال له غليان دم القلب في الآدمي أمر ينشأ عن صفة الغضب لا أنه الغضب ويقال له أيضا كذلك الإرادة والمشيئة فينا فهي ميل الحي إلى الشيء أو إلى ما يلائمه ويناسبه فإن الحي منا لا يريد إلا ما يجلب له منفعة أو يدفع عنه مضرة وهو محتاج إلى ما يريده ومفتقر اليه ويزداد بوجوده وينتقص بعدمه فالمعنى الذي صرفت اليه اللفظ كالمعنى الذي صرفته عنه سواء فإن جاز هذا جاز ذاك وإن امتنع هذا امتنع ذاك فإن قال الإرادة التي يوصف الله بها مخالفة للإرادة التي يوصف بها العبد وإن كان كل منهما حقيقة قيل له فقل إن الغضب والرضى الذي يوصف الله به مخالف لما يوصف به العبد وإن كان كل منهما حقيقة فإذا كان ما يقوله في الإرادة يمكن أن يقال في هذه الصفات لم يتعين التأويل بل يجب تركه لأنك تسلم من التناقض وتسلم أيضا من تعطيل معنى أسماء الله تعالى وصفاته
(٥٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 520 521 522 523 524 525 526 527 528 529 530 ... » »»