شرح العقيدة الطحاوية - ابن أبي العز الحنفي - الصفحة ٤٥١
تحيلة العقول ولكنه قد يأتي بما تحار فيه العقول فإن عود الروح إلى الجسد ليس على الوجه المعهود في الدنيا بل تعاد الروح اليه إعادة غير الإعادة المألوفة في الدنيا فالروح لها بالبدن خمسة أنواع من التعلق متغايرة الأحكام أحدها تعلقها به في بطن الام جنينا الثاني تعلقها به بعد خروجه إلى وجه الأرض الثالث تعلقها به في حال النوم فلها به تعلق من وجه ومفارقة من وجه الرابع تعلقها به في البرزخ فإنها وإن فارقته وتجردت عنه فإنها لم تفارقه فراقا كليا بحيث لا يبقى لها اليه التفات البتة فإنه ورد ردها إليه وقت سلام المسلم وورد أنه يسمع خفق نعالهم حين يولون عنه وهذا الرد إعادة خاصة لا يوجب حياة البدن قبل يوم القيامة الخامس تعلقها به يوم بعث الأجساد وهو أكمل أنواع تعلقها بالبدن ولا نسبة لما قبله من أنواع التعلق إليه إذ هو تعلق لا يقبل البدن معه موتا ولا نوما ولا فسادا فالنوم أخو الموت فتأمل هذا يزح عنك إشكالات كثيرة وليس السؤال في القبر للروح وحدها كما قال ابن حزم وغيره وأفسد منه قول من قال إنه للبدن بلا روح والأحاديث الصحيحة ترد القولين وكذلك عذاب القبر يكون للنفس والبدن جميعا باتفاق أهل السنة والجماعة تنعم النفس وتعذب مفردة عن البدن ومتصلة به واعلم أن عذاب القبر هو عذاب البرزخ فكل من مات وهو مستحق للعذاب ناله نصيبه منه قبر أو لم يقبر أكلته السباع أو احترق حتى صار رمادا ونسف في الهواء أو صلب أو غرق في البحر وصل إلى روحه وبدنه من العذاب ما يصل إلى المقبور وما ورد من إجلاسه واختلاف أضلاعه ونحو ذلك فيجب أن يفهم عن الرسول صلى الله عليه وسلم مراده من غير غلو ولا تقصير فلا يحمل كلامه
(٤٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 446 447 448 449 450 451 452 453 454 455 456 ... » »»