عند بعد المسامتة أعني كون الشمس في الانقلابين فيبقى الاعتدال بخلاف البلدة المفروضة فإن الحر يشتد على جسمهم ويؤثر فيهم لعدم الفهم به ولانتقالهم إليه من شدة البرد وإن كان على التدريج ولا يخفى على المنصف ضعف هذا الجواب وكذا إسناد حر البلدة إلى الأسباب الأرضية وأما الجواب عن احتجاج ابن سينا على كون سكان الاستواء أقرب الأصناف إلى الاعتدال الحقيقي بالنظر إلى أوضاع العلويات فهو أن تشابه الأحوال بمعنى أنه لا يطرأ عليهم تغير يعتد به ولا تلحقهم نكاية من حر أو برد لا يفيد المطلوب أعني قربهم من الاعتدال الحقيقي الذي تساوى فيه الكيفيات لجواز أن يكون البالغ في الحرارة والبرودة المألوفة كذلك وذهب جمع من الأوائل وكثير من المتأخرين إلى أن أعدل الأصناف سكان الإقليم الرابع استدلالا بالآثار كما هو مذكور في المتن غني عن الشرح وفيه إشارة إلى دفع اعتراضين أحدهما أن كثرة التوالد والتناسل وتوفر العمارات وغير ذلك من الكمالات إنما يتبع الاعتدال العرضي الذي هو توفر القسط الأليق من الكيفيات لا الحقيقي الذي هو تساويها وفيه النزاع ودفعه أن المعتدل الفرضي كلما كان إلى المعتدل الحقيقي أقرب وبالواحد المبدأ أنسب كان بإفاضة الكمال أجدر فيتم الاستدلال بزيادة الكمال على زيادة القرب من الاعتدال الحقيقي على ما هو المطلوب وثانيهما أن قلة الكمالات في خط الاستواء وكثرتها في الإقليم الرابع يجوز أن يكون عائدة إلى الأسباب الأرضية دون أوضاع العلويات ودفعه أن الحدس يشهد بما ذكرنا ويحكم ببطلان أن لا يوجد في خط الاستواء وهو أربعة آلاف فرسخ بقعة خالية عن الموانع الأرضية ولا في الإقليم الرابع على كثرة بلادها بلدة خالصة للأسباب العلوية فإن قيل إذا صح الاستدلال على اعتدال الإقليم الرابع بكونه وسطا بين الأقاليم بعيدا عن الفجاجة الشمالية والاحتراق الجنوبي فأولى أن يستدل على اعتدال خط الاستواء بكونه على حاق الوسط من الشمال والجنوب قلنا التوسط ههنا توسط بين ما هو من أسباب الحر والبرد أعني قرب المسامتة وبعدها بخلاف التوسط بين القطبين فإن نسبة الشمس إليهما على السواء وأهل ذلك الوسط دائما في المسامتة أو القرب منها وإنما يصح الاستدلال لو كان غاية الحر والبرد تحت نقطتي الجنوب والشمال وليس كذلك (قال وأما المباحث 8) بعد الفراغ من مقدمة القسم الرابع من الأقسام الأربعة المرتب عليها الكلام فيما يتعلق بالأجسام على التفصيل وهو في المركبات التي لها مزاج شرع في مباحثه وهي ثلاثة حسب أقسام الممتزج المسماة بالمواليد الثلاثة أعني المعادن والنبات والحيوان ووجه الحصر أن الممتزج أن تحقق فيه مبدأ التغذية والتنمية فإما مع تحقق مبدأ الحس والحركة الإرادية وهو الحيوان أو بدونه وهو النبات وإن لم يتحقق ذلك فيه فالمعادن وإنما قلنا مع تحقق مبدأ الحس والحركة لأنه لا قطع بعدمهما في النبات والمعدن بل ربما يدعى حصول
(٣٧٢)