شرح المقاصد في علم الكلام - التفتازاني - ج ١ - الصفحة ٣٧٠
قسما لأن الخروج إما بالحرارة مع البرودة والرطوبة أو مع البرودة واليبوسة أي مع الرطوبة واليبوسة وإما بالبرودة مع الرطوبة واليبوسة يصير أربعة نضربها في ثمان حالات هي زيادة الكيفيات الثلاث ونقصانها وزيادة كل من الثلاث مع نقصان الأخريين ونقصان كل مع زيادة الأخريين والرابع ستة عشر قسما على عدد الحالات الممكنة أعني زيادة الكيفيات الأربع ونقصانها وزيادة كل منها مع نقصان الثلاث الباقية وبالعكس فهذه عشرة وزيادة كل اثنتين مع نقصان الأخريين وهذه ستة لأن الاثنتين إما الفاعلتان وأما المنفعلتان وإما كل من الفاعلتين مع كل من المنفعلتين والمعترض قد أخل ببعض هذه الأقسام فجعل الأقسام الممكنة ثلاثة وستين فاستوفاها العلامة الشيرازي ثمانين ثم أجاب بأن معنى هذا الاعتدال هو أن يتوفر على الممتزج من كميات العناصر وكيفياتها القسط الذي هو أليق بحاله وأنسب بأفعاله أعني أن تكون الحرارة والبرودة فيه على نسبة تلائم أفعاله على الوجه الأفضل الأليق وكذا الرطوبة واليبوسة فأدامت هذه النسبة محفوظة كان الاعتدال باقيا وإن فرض زيادة أو نقصان في مقادير الكيفيات مثلا إذا كان اللايق بالممتزج أن يكون الحار ضعف البارد كان يكون الحار من عشرة إلى عشرين والبارد من خمسة إلى عشرة فإذا زادت الفاعلتان فصارت الحرارة اثنتي عشرة والبرودة ستة أو انتقصتا فصارت الحرارة ثمانية والبرودة أربعة فإن الاعتدال باق لبقاء النسبة وإن صارت البرودة ستة مع كون الحرارة أحد عشر فليس هذا خروجا عن الاعتدال بالكيفيتين بل بالبرودة فقط إذ المزاج صار أبرد مما ينبغي لا أحر ومع كون الحرارة ثلاثة عشر فليس إلا خروجا عن الاعتدال بالحرارة حيث صار آخر مما ينبغي وكذا في الرطوبة واليبوسة والحاصل أنه إذا كانت النسبة الفاضلة بأن تكون الحرارة ضعف البرودة مثلا فتغير النسبة أما أن يكون بزيادة الحرارة على الضعف أو نقصانها أو زيادة البرودة عن النصف ولا مع نقصانها عن الضعف زيادة البرودة على النصف وكذا الكلام في كميات العناصر فلا يرد ههنا ما يرد عن الاعتدال الحقيقي من أنه لما اعتبر فيه تساوي العناصر في الكم أيضا جاز الخروج عنه بالعنصر الحار والبارد جميعا بأن يزيد آخر ما على الآخرين وذلك لأن المعتبر ههنا نسبة بين كميات العناصر كالضعف والنصف مثلا فتغير النسبة لا يتصور إلا مثل ما ذكر في الكيفيتين فليتأمل نعم لا يبعد الخروج بالكيفيتين المتضادتين عن الاعتدال الشخصي بالنسبة إلى الداخل بأن يصير مزاج قلب زيد أحر وأيبس من أعدل أحواله ومزاج دماغه أبرد وأرطب أو بالعكس وذلك لأنه ليس هناك كيفية متوسطة بحكم ببقائها ما دامت النسبة محفوظة وإن كانت المقادير مختلفة (قال واختلفوا في أعدل البقاع 7) قد اتفقوا على أنه إذا اعتبرت الأنواع كان أعدل الأمزجة أي أقربها إلى الاعتدال الحقيقي مزاج نوع الإنسان لأن متعلق للنفس الناطقة الأشرف فلا بد أن يكون أشرف أي
(٣٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 365 366 367 368 369 370 371 372 373 374 375 ... » »»