شرح المقاصد في علم الكلام - التفتازاني - ج ١ - الصفحة ٣٦٩
إذا تجاوزهما لم يكن القلب وواسطة إذا حصلت للقلب كان على أفضل ما ينبغي أن يكون عليه فظهر أن عرض مزاج النوع يشتمل على أمزجة أصنافه لأن عرض الصنف بعض عرض النوع وعرض مزاج الصنف يشتمل على أمزجة أشخاصه وعرض مزاج الشخص على أمزجته في حالاته وليس مزاج العضو داخلا في العروض المتقدمة لأنها مأخوذة باعتبار مجموع البدن من حيث هو مجموع إذا تكافأت الأعضاء الحارة بالباردة والرطبة باليابسة فيستحيل أن يكون مزاج مجموع البدن مزاج عضو واحد فإن قيل العضو نوع من أنواع الكائنات مشتمل على أصناف مشتملة على أشخاص فينبغي أن يعتبر له اعتدال نوعي وصنفي وشخصي كل منها بالقياس إلى الداخل والخارج دون أن يجعل قسما برأسه مقابلا لها قلنا نعم إلا أنهم نظروا إلى أن الطب ينظر في أحوال بدن الإنسان وأعضائه من حيث كونها على اعتدالها أو خارجة عنه واعتبار مزاج البدن إنما هو باعتبار تكافىء أعضائه وتعادلها في المزاج بأن تكون حرارة ما هو حار منها كالقلب تعادل برودة ما هو بارد منها كالدماغ ويبوسة ما هو يابس منها كالعظم تعادل رطوبة ما هو رطب منها كالكبد بحيث إذا نسب جميع ما في البدن من الحرارة إلى جميع ما فيه من البرودة كان قريبا من التساوي وكذا الرطوبة مع اليبوسة وبالجملة يكون الحاصل من المجموع قريبا من الاعتدال الحقيقي ثم لا خفاء في أنه ليس ههنا أعني في مزاج جملة البدن المعبر عنه بالمزاج الشخصي اختلاط أجزاء الأعضاء وتصغرها وتماسها وكأنه مجرد وضع وإضافة للبعض إلى البعض أو كيفيات تحصل لجميع الأعضاء من جهة تأثر بعضها من البعض بمجرد المجاورة من غير امتزاج واختلاط للأجزاء (قال والخارج عن هذا الاعتدال 9) يعني الاعتدال الفرضي المعتبر بحسب الطب ينحصر في ثمانية لأنه إما أن يكون بكيفية واحدة من الأربع فيكون أحر مما ينبغي أو أبرد أو أرطب أو أيبس وإما بكيفيتين غير متضادتين فيكون أحر وأرطب أو أيبس أو أبرد وأرطب أو أيبس واعترض الكاتبي في شرح الملخص بأن الخروج عن هذا الاعتدال بكيفيتين متضادتين ممكن بأن تزيد الحرارة والبرودة جميعا على القدر اللايق بالممتزج أو تنقصا عنه وكذا الرطوبة واليبوسة ولا يلزم من ذلك كون المتضادتين غالبتين ومغلوبتين معا في الخارج عن الاعتدال الحقيقي لأن المعتبر ثمة زيادة كل على الأخرى وههنا على القدر اللايق لا على الأخرى وإذا جاز ذلك فالخروج إما أن يكون بكيفية أو كيفيتين أو ثلاث كيفيات أو الكيفيات الأربع جميعا والأول ثمانية أقسام حاصلة من ضرب أربعة أعني الكيفيات في اثنين أعني الزيادة والنقصان والثاني أربعة وعشرون قسما لأن الكيفيتين الخارجتين أما الحرارة مع البرودة أو مع الرطوبة أو مع اليبوسة وأما البرودة مع الرطوبة أو مع اليبوسة وأما الرطوبة مع اليبوسة فهذه ستة نضربها في أربع حالات هي زيادة الكيفيتين ونقصانهما وزيادة الأولى مع نقصان الثانية وبالعكس والثالث اثنان وثلاثون
(٣٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 364 365 366 367 368 369 370 371 372 373 374 ... » »»