الصورة فعدل إلى وصول النفس إلى المعنى أخذا مما ذكره الإمام وغيره أن أول مراتب وصول النفس إلى المعنى شعور فإذا حصل وقوف النفس على تمام ذلك المعنى فتصور فإذا بقي بحيث لو أراد استرجاعه بعد ذهابه أمكنه يقال له حفظ ولذلك الطلب تذكر ولذلك الوجدان ذكر وأنت خبير بأن حصول الصورة في العقل أيضا صفة العالم ومنها أحد أقسام التصديق وهو ما يقارن الجزم والمطابقة والثبات فيخرج الظن والجهل المركب والتقليد وسيجئ بيان ذلك ومنها ما يشمل تصور المطابق والتصديق اليقيني على ما هو الموافق للعرف واللغة ولهم فيه عبارتان (1) صفة يتجلى بها المذكور لمن قامت به أي صفة ينكشف بها ما يذكر ويلتفت إليه انكشافا تاما لمن قامت به تلك الصفة إنسانا كان أو غيره وعدل عن الشيء إلى المذكور ليعم الموجود والمعدوم وقد يتوهم أن المراد به المعلوم لأن في ذكر العلم ذكر المعلوم وعدل إليه تفاديا عن الدور وبالجملة فقد خرج الظن والجهل إذ لا تجلي فيهما وكذا اعتقاد المقلد لأنه عقدة على القلب والتجلي انشراح وانحلال للعقدة (2) صفة توجب تمييزا في المعاني لا يحتمل النقيض أي صفة تستعقب لخلق الله تعالى لمن قامت به تمييزا في الأمور العقلية كلية كانت أو جزئية فيخرج مثل القدرة والإرادة وهو ظاهر وإدراك الحواس لأن تمييزه في الأعيان ومن جعله علما بالمحسوسات لم يذكر هذا القيد وخرج سائر الإدراكات لأن احتمال النقيض في الظن والشك والوهم ظاهر وفي الجهل المركب أظهر وكذا اعتقاد المقلد لأنه يزول بتشكيك المشكك بل ربما يتعلق بالنقيض جزما وقد يقال إن الجهل المركب ليس بتمييز وكذا التصور الغير المطابق كما إذا ارتسم في النفس من الفرس صورة حيوان ناطق وأما المطابق فداخل لأنه لا نقيض له بناء على أن في أخذ النقيض شائبة الحكم والتركيب ولا يخفى ما فيه ومنهم من قيد المعاني بالكلية ميلا إلى تخصيص العلم بالكليات والمعرفة بالجزئيات فلا يرد ما ذكر في المواقف أن هذه الزيادة مع الغنى عنها محل نظر بطرد التعريف أي جريانه في جميع أفراد المعرف على ما ذكر ابن الحاجب أن اسم الفاعل يورد على طرد تعريف الاسم والفعل المضارع على عكسه قالوا وهذا مصطلح النحاة ثم الظاهر من قولنا تمييزا لا يحتمل النقيض أن يراد نقيض التمييز ولما لم يكن له كثير معنى ذهب بعضهم إلى أن المراد أنه صفة توجب التمييز إيجابا لا يحتمل النقيض وليس بشيء والحق اعتبار ذلك في متعلق التمييز على ما قالوا أن اعتقاد الشيء كذا مع أنه لا يكون إلا كذا علم ومع احتمال أن لا يكون كذا احتمالا مرجوحا ظن فالمعنى أنه صفة توجب للنفس تمييز المعنى عندها بحيث لا يحتمل النقيض في متعلقه ويدل على ذلك تقرير للنفس تمييز المعنى عندها بحيث لا يحتمل النقيض في متعلقه ويدل على ذلك تقرير اعتراضهم بالعلوم العادية مثل العلم بكون الجبل حجرا فإنه يحتمل النقيض بأن لا يكون حجرا بل قد انقلب ذهبا بأن يخلق الله تعالى مكان الحجر الذهب على ما هو رأي المحققين أو بأن يسلب عن أجزاء الحجر الوصف الذي به صارت حجرا ويخلق فيه الوصف الذي به يصير
(١٨)