تثبيت الإمامة - قاسم بن إبراهيم البرسي - الصفحة ٥٢
(الأوصياء والأئمة وما في علي عليه السلام) فبانت الرسل - صلوات الله عليها - من الأوصياء ما جعل الله من هذه الدلائل لهم وفيهم وبانت للأوصياء من الأئمة ما خصها الله من التسمية وعلما يعرف لها عند رسلها من المنزلة وما كانت الرسل تليها به أقوال التفضلة كنحو ما جاء في علي - عليه السلام (38) - عن الرسول.

٣٨ - هو علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب، ابن عم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.
أمة: فاطمة بنت أسد بن هاشم وهو أول هاشمي ولد بين هاشميين ولد في جوف الكعبة وأول خليفة من بني هاشم وكان من أول الناس إسلاما في قول كثير من العلماء.
هاجر إلى المدينة وشهد بدرا واحد والخندق، وبيعة الرضوان وجميع مشاهد الرسول إلا تبوك وله في الجميع بلاء عظيم وأثر حسن وأعطاه الرسول اللواء في مواطن كثيرة بيده. آخاه رسول الله مرتين: فإن رسول الله آخى بين المهاجرين الأنصار بعد الهجرة، وقال لعلي (ع) في كل واحدة منهما: أنت أخي في الدنيا والآخرة، وكان مما أنعم الله به على علي أنه ربى في حجر رسول الله قبل الإسلام.
وفي تحفة الأحوذي: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعث يوم الاثنين وأسلم علي يوم الثلاثاء وهذا من مناقبه الطيبة وضرب عليه السلام أروع الأمثلة في الفدائية في نومه مكان الرسول ليلة الهجرة، وكان ما كان من أمره ومن أمر قريش معه وقال فيه سعيد بن المسيب: لقد أصابت علي يوم أحد ست عشرة ضربة كل ضربة تلزمه الأرض، فما كان يرفعه إلا جبريل عليه السلام ومن شجاعته أنه كان يحرض مشركي قريش على قتله ويعيرهم ويقول:
هذا ابن فاطمة الذي أفناكم ذبحا وقتلة قعصة لم تذبح أعطوه خرجا واتقوا بضريبة فعل الذليل بيعه لم تربح أين الكهول وأين كل دعامة في المعضلات وأين زين الأبطح أفناهم قصعا وضربا يفري بالسيف يعمل حدة لم يصفح ودعا له رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - عند بعثة لقضاء اليمن فقال: اللهم ثبت لسانه واهد قلبه.
وفي الإستيعاب عن عبد الله بن مسعود قال: كنا نتحدث أن أقضى أهل المدينة علي بن أبي طالب. وأيضا: يقول عنه سعيد بن المسيب: ما كان أحد من الناس يقول سلوني غير علي بن أبي طالب.
وقال عنه أبن عباس لقد أعطي علي تسعة أعشار العلم، وأيم الله لقد شاركهم في العشر العاشر.
ومن أبلغ ما قيل عنه قول عبيد بن عياش بن أبي ربيعة حين سأله أبن أخيه: يا عم، لم كانت دعوة الناس إلى علي؟ قال: يا ابن أخي، إن عليا كان له ما شئت من ضرس قاطع في العلم وكان، له البسطة في العشيرة، والقدم في الإسلام، والصهر لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، والفقه في السنة، والنجدة في الحرب والجودة بالماعون.
وكان (ع) زاهدا في الدنيا مدبرا عنها، محبا للآخرة مقبلا عليها وله في ذلك آثار منها قوله:
الدنيا جيفة فمن أراد منها شيئا فليصبر على مخالطة الكلاب.
ومن عدله (ع) حينما استعمل رجلا من ثقيف على مدرج سابور قال له: لا تضربن رجلا سوطا في جباية درهم، ولا تتبعن لهم رزقا ولا كسوة شتاءا ولا سيفا ولا دابة يعتملون عليها، ولا تقيمن رجلا قائما في طلب درهم، فقال الرجل: يا أمير المؤمنين، إذن أرجع إليك كما ذهبت من عندك.
قال: وإن رجعت ويحك! إنما أمرنا أن نأخذ منهم بالعفو يعني الفضل وعن عقبة: ترك علي أربعة عشر ذكرا وتسع عشرة امرأة منهم أربعة من السيدة فاطمة وهم الحسن والحسين وزينب وأم كلثوم الصغرى.
وكان النسل من ولده الخمسة: الحسن والحسين ومحمد بن الحنيفة والعباس بن الكلابية، وعمر بن التغلبية.
وكان (ع) عريض اللحية أبيضها، أصلع على رأسه زغيبات ضخم البطن ضخم الذراع، ضخم عضلة الساق.
وقال الفضل بن دكين: وإن شئت قلت إذا نظرت إليه هو آدم وأن تبينته من قريب قلت: أن يكون أسمر أدنى من أن يكون آدم وكان في عينيه أثر الكحل.
وتولى الخلافة بعد مقتل عثمان بن عفان، وكانت خلافته خمس سنين إلا ثلاثة أشهر وقيل أربع سنين وتسعة أشهر.
وعند وفاته لما فرغ من وصيته قال: اقرأ عليكم السلام ورحمة الله وبركاته، ثم لم يتكلم إلا بلا إله إلا الله حتى قبضه الله.
وغسله ابناه وعبد الله بن جعفر، وصلى عليه الحسن. (ع) وكفن في ثلاثة أثواب ليس فيها قميص، ودفن في السحر.
أنظر: أسد الغابة ج‍ - ٤ الطبقات الكبرى: لابن سعد. والإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر..
وفي خبر مقتله (ع):
" أنه في العام الأربعين.. بالموسم اجتمع عبد الرحمن بن ملجم والنزال بن عامر، وعبد الله بن مالك الصيداوي، وذلك بعد وقعة النهر بأشهر فتذكروا ما فيه الناس من تلك الحروب، فقال بعضهم لبعض: ما الراحة إلا في مقتل هؤلاء النفر الثلاثة، علي ومعاوية وعمرو بن العاص.
فقال ابن ملجم: علي قتل علي.
قال النزال: علي قتل معاوية.
وقال عبد الله: علي قتل عمرو.
فأقبل ابن ملجم حتى قدم الكوفة، فخطب إلى قطام ابنتها الرباب، وكانت قطام ترى رأي الخوارج، وقد كان علي قتل أباها وأخاها وعمها يوم النهر، فقالت لابن ملجم: لا أزوجك إلا على ثلاثة آلاف درهم وعبد وقينة، وقتل علي بن أبي طالب، فأعطاها ذلك، وملكها. فلما كانت تلك الليلة تقلد سيفه، وقد كان سمه وقعد مغلسا ينتظر أن يمر به علي (ع) مقبلا إلى المسجد لصلاة الغداة فبينما هو ذلك إذا أقبل علي وهو ينادي " الصلاة أيها الناس " فقام إليه ابن ملجم، فضربه بالسيف على رأسه وأصاب طرف السيف الحائط، فثلم فيه ودهش بن ملجم فانكب لوجهه وبدر السيف من يده، فاجتمع الناس فأخذوه، فقال الشاعر في ذلك:
ولم أر مهرا ساقه ذو سماحة * كمهر قطام من فصيح وأعجم ثلاثة آلاف وعبدا وقينة * وضرب علي بالحسام المصمم فلا مهر أغلى من علي وإن غلا * ولا فتك إلا دون فتك بن ملجم وحمل عليه السلام إلى منزله وأدخل عليه بن ملجم.
فقالت له أم كلثوم ابنة الإمام: يا عدو الله، أقتلت أمير المؤمنين؟
فقال: لم أقتل أمير المؤمنين ولكن قتلت أباك. قالت: أما والله إني لأرجو ألا يكون عليه بأس فقال فعلام تبكين إذن؟ أما والله لقد سممت السيف شهرا فإن أخلفني أبعده الله، فلم يمس علي يومه حتى مات.
وأما صاحبي القاتل الآخرين:
فالنزال: فشل في محاولته قتل معاوية وقبض عليه وأمر به فقتل وعبد الله بن مالك الصيداوي ذهب إلى مصر ولكنه قتل رجلا آخر يقال له خارجة ظنا منه أنه عمرو، ثم أمر به أيضا فقتل.
أنظر: الأخبار الطوال: لأبي حنيفة الدينوري وكتب التاريخ الأخرى
(٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 47 48 49 50 51 52 55 56 59 60 61 ... » »»
الفهرست