تثبيت الإمامة - قاسم بن إبراهيم البرسي - الصفحة ٤٩
بشديد معاناة وعسير مأساة من العلاج والاعتمال، وحركة كسب الأموال التي بها يوصل إلى مطلوب الغنى والسبيل إلى مناكحة النساء، ثم ليس لهم تناول معتمل ولا حركة في عمل عليهم أو حكم بخلافه فيهم.
ثم إذا صاروا إلى النكاح على ما أمروا به إلى الحد ما لبثوا أن يصيروا إلى عيال وولد يحتاجون لهم إلى أقوات التغذية، وأنواع ضروب متاع التربية، مع حاجتهم للأولاد والأنفس إلى ما يحصنهم من الحر والبرد من الملبس، وما يستر عورات النساء والرجال وما يظلهم من شعائر للإكثار، وما يحتاجون إليه من اتخاذ الأبنية، وما لا بد لهم من أمتعة للأقبية وكل ذلك من حوائج الإنسان يدخل فيه معهم أشد التنافس لما يعم جميعهم من الحاجة إليه لظاهر ما لهم من المنافع فيه فلابد في كله وجميع ضروب معتملة من أن يقاموا فيه على حد معلوم، فلا يلزمه فيه فرض حكم معزوم، وإلا اقتتلوا عليه وتواثبوا وتناهبوا فيه واغتصبوا، أو فتنوا فلم يبقوا، وصاروا إلى خلاف ما له خلقوا.
ولما كانوا إلى ما ذكرنا مضطرين، وفي أصل الفطرة عليه مفطورين، تفرقوا في أنواع الصناعات واحتالوا للملبس بضروب الساعات، فلم يكن لهم عند ذلك بد في البدء الأول من معلم يقوم عليهم، يبين لهم أقدار مواقع مصالح ذلك فيهم ليتعاملوا بها وعليها، ويصيروا إلى مصالحهم فيها وإلا فسدوا. وفتنوا وهلكوا ولم يبقوا.
(شروط العلم) ثم لا بد لمعلمهم وولي أدب تعليمهم من أن يكون عالما بجهات منافع الأشياء، مأمونا عليهم في الدين والدنيا، لأنه إن كان على غير ذلك كان مثلهم يسئ ويجهل في الأمور جهلهم، ثم لا يكون مع هذا يجب عليهم أتباعه، وهول ما تقدم من أمره واستماعه، مع ما يدعوهم إليه من الكف عن كثير مما يحبون ويأمرهم به من الدخول في كثير مما يكرهون، إلا بأن يكون لهم في خلافه مخوفا
(٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 44 45 46 47 48 49 50 51 52 55 56 ... » »»
الفهرست