وركبت السفينة - مروان خليفات - الصفحة ٩٤
بعد هذا نقول: إن التشهد كان يمارسه الصحابة كل يوم خمس مرات والرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) علمهم إياه كما يعلمهم القرآن، فإذا لم يحسنوا أن ينقلوا إلينا شيئا كان يمارسه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كل يوم خمس مرات، فما بالك بالأمور التي تحدث بالسنة مرة أو أكثر كالحج والصوم والتي ترك التفصيل فيها للسنة؟!!
" إن الجيل المعاصر للرسول لم يكن يملك تصورات واضحة محددة حتى في مجال القضايا الدينية التي كان يمارسها النبي مئات المرات " (1) ونرى الصحابة ينقلون التشهد بمعناه، والمحققون متفقون أن الرواية بالمعنى لا تصح فيما يتعبد فيه وصيغ التشهدات مما يتعبد فيها كما هو معلوم، والصلاة توقيفية لا يجوز استبدال كلماتها أو تغيير معناها لأن ذلك من مبطلاتها.
يقول ابن الصلاح عن طريقة الصحابة في الرواية: " كثيرا ما كانوا ينقلون معنى واحدا في أمر واحد بألفاظ مختلفة وما ذلك إلا لأن معولهم كان المعنى دون اللفظ " (2).
يروي الصحابة بالمعنى حسب ما فهموا، ويأتي التابعون ويروون عن الصحابة حسبما فهموا، وهكذا تابعي التابعين، ففي كل طبقة تتغير ألفاظ الحديث وهذا النوع من الرواية قد يفقد الحديث المقصود الشرعي منه، فالضمة والفتحة والكسرة تغير معنى الكلمة فكيف بتغيير كلمة كاملة؟!! نعم، إن فيه ضررا كبيرا.
يقول الجزائري: " بعد البحث والتتبع يتبين أن كثيرا ممن روى بالمعنى قد قصر في الأداء، ولذلك قال بعضهم: ينبغي سد باب الرواية قديما وحديثا لئلا يتسلط من لا يحسن من يظن أنه يحسن، كما وقع لكثير من الرواة قديما، وقد نشأ عن الرواية بالمعنى ضرر عظيم حتى عد من جملة أسباب اختلاف الأمة " (3).

١ - بحث حول الولاية، الشهيد محمد باقر الصدر: ص ٤٧.
٢ - مقدمة ابن الصلاح: ص 90.
3 - توجيه النظر: ص 237.
(٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 ... » »»