وركبت السفينة - مروان خليفات - الصفحة ٩٦
وكان ينبغي أن يكون هذا هو الواقع لكن لم يتفق ذلك " (1). نعم، ما كان الله ليترك دينه لفهم الصحابة له، وإلا لتغيرت مضامين الإسلام، فلابد من القول أن الله اختار ثلة من السلف الصالح عندهم القدرة على فهم الإسلام وقد عبؤا تعبئة فكرية وروحية تؤهلهم لبيان الدين كما أنزله الله.
فكون السلف اتبعوا هذا المنهج ويلزمنا اتباعه أمر تجب إعادة النظر فيه، فالمفروض أن يؤخذ الإسلام عن فئة معينة من السلف الصالح لها نهج واحد لا تناقض في أقوالها وعندها المقدرة على فهم المقصود الشرعي من النص، أما أن نأخذ الإسلام عن آلاف الصحابة فهذا أمر مرفوض ببديهة العقل، ولو ألزمنا أنفسنا بذلك لوجب علينا فهم الإسلام بأكثر من سبعين مفهوما، وهو عدد مذاهب الصحابة.
ونضع بين يديك أخي المسلم مثالا آخر من اختلافات الصحابة ولك الحكم.
تكبيرة الجنازة:
لقد صلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) صلاة الجنازة عشرات المرات وشاهده الصحابة وسمعوه وهو يصليها ومع ذلك لا يحسنون نقلها بالصورة الصحيحة كما صلاها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).
أخرج الطحاوي عن إبراهيم قال: " قبض رسول الله والناس مختلفون في التكبير على الجنازة لا تشاء أن تسمع رجلا يقول: سمعت رسول الله يكبر خمسا، وآخر يقول:
سمعت رسول الله يكبر أربعا، فما اختلفوا في ذلك حتى قبض أبو بكر، فلما ولى عمر رأى اختلاف الناس في ذلك فشق عليه جدا. فأرسل إلى رجال من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: إنكم معاشر أصحاب رسول الله متى تختلفون على الناس يختلفون من بعدكم، ومتى تجتمعون على أمر يجتمع الناس عليه، فانظروا ما تجتمعون عليه. فكأنما أيقظهم، فقالوا: نعم ما رأيت يا أمير المؤمنين " (2).

١ - الباعث الحثيث: ص ١٦٥ - ١٦٦.
٢ - عمدة القاري: ٤ / ١٢٩. كنز العمال: ١٥ / 712.
(٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 ... » »»