وركبت السفينة - مروان خليفات - الصفحة ٨٩
رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأتى العلماء واكتشفوها؟!! أم تراهم كانوا مقصرين في بيانها ليدب الخلاف بين العلماء وتختلف أحكام الشريعة؟!
القرآن حمال ذو وجوه إن القرآن الكريم حمال أوجه، وفيه المحكم والمتشابه، والمطلق والمقيد، والناسخ والمنسوخ، والكتاب والسنة صامتان لا يقومان بنفسهما ولابد لهما من مبين يعرف جميع علومهما حتى تكون أقواله هي مراد الله في أي مسألة. ولا يقال إن السلف والعلماء قد فهموا القرآن حق فهمه، فلو كان هذا صحيحا لما اختلف المفسرون في تفاسيرهم ولا الفقهاء في فقههم (١). وبالرجوع إلى سيرة السلف نرى أنه أشكلت عليهم بعض آيات الأحكام ففي قوله تعالى: ﴿يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك وهو يرثها إن لم يكن لها ولد﴾ (2).
قال الشعبي: " سئل أبو بكر عن الكلالة؟ فقال: إني سأقول فيها برأيي، فإن كان صوابا فمن الله وإن كان خطأ فمني ومن الشيطان، أراه ما خلا الولد والوالد،... " (3).
وعن معدان بن أبي طلحة قال: " إن عمر بن الخطاب خطب يوم جمعة فذكر نبي الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وذكر أبا بكر ثم قال: إني لا أدع بعدي شيئا أهم عندي من الكلالة ما راجعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في شئ ما راجعته في الكلالة وما أغلظ لي في شئ ما أغلظ لي فيه.
حتى طعن بإصبعه في صدري، وقال: " يا عمر ألا تكفيك آية الصيف التي في آخر سورة

١ - فمثلا: اختلف الفقهاء في المقصود من كلمة القرء في قوله تعالى: * (والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء) * البقرة: ٢٢٨، فذهب بعضهم إلى أنه الحيض وذهب آخرون إلى أنه الطهر.
٢ - النساء: ١٧٦.
٣ - سنن الدارمي: ٢ / 365.
(٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 83 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 ... » »»