وركبت السفينة - مروان خليفات - الصفحة ٧٢
أما من يقول: إن بإمكان المسلم أن يأخذ من أي مذهب من المذاهب الأربعة فكلها من نبع النبوة. نقول له: عجبا كيف تكون هذه الاختلافات حتى في الأمور الصغيرة من نبع واحد؟ فهل رأيت أخي المسلم نبع ماء مثلا له عدة مذاقات؟! فلو جاء أربعة أشخاص وكل واحد معه زجاجة مليئة بالماء وقالوا: إنه من نبع ماء عذب، وكان الأول معه ماء مالح، والثاني معه ماء مر، والثالث معه ماء نتن، والرابع معه ماء عذب، فهل يكون الماء الذي بحوزتهم عاكسا لمذاق النبع؟ طبعا لا. بل إن الشخص الرابع هو الذي نهل من ماء ذلك النبع، أما الآخرون فإنهم نهلوا من ينابيع أخرى، أو من هذا النبع ولكنهم غيروا وبدلوا فيه.
وهكذا الحال مع المذاهب الأربعة، فلو حصرنا الإسلام بهم فلا بد أن يكون واحد منهم هو الذي غرف من نبع النبوة، إذ لا يعقل أن يكونوا جميعا قد غرفوا من نبع واحد وكل واحد يقول مذاق النبع هكذا؟!!
فإن قيل: هم أخذوا من نبع واحد ولكن كل واحد اجتهد وتوصل لشئ يخالف غيره. فنقول: حتى وإن اجتهدوا واختلفوا في اجتهاداتهم فواحد من هذه الآراء هو الذي يعكس حكم الإسلام لو حصرناه بهم. فنحن نعلم أن الإسلام له حكم واقعي واحد في أي موضوع.
ومع الذي ذكرنا فإن حديث " اختلاف أمتي رحمة " حديث موضوع فلا يحتج به، وتفصيل ذلك لمحدث أهل السنة الألباني فقد قال عن هذا الحديث: " لا أصل له، ولقد جهد المحدثون في أن يقفوا له على سند فلم يوفقوا...
ونقل المناوي عن السبكي أنه قال: " وليس بمعروف عند المحدثين، ولم أقف له على سند صحيح ولا ضعيف ولا موضوع " وأقره الشيخ زكريا الأنصاري في تعليقه على تفسير البيضاوي (ق 92 / 2) " (1).

1 - سلسلة الأحاديث الضعيفة: 1 / 76 ح 57.
(٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 ... » »»