وركبت السفينة - مروان خليفات - الصفحة ٧٧
السياسة أوجدت المذاهب بالقراءة المتأنية للتاريخ نجد أن السياسة هي التي أوجدت المذاهب الأربعة وحاربت كل من تمذهب بغيرها. ولو عملت السياسة بالمذاهب الأخرى مثلما عملت بالمذاهب الأربعة لكانت موجودة الآن يتعبد بها الناس ولا يرضون بغيرها بدلا.
فمعتنقوها خلقوا فوجدوا هذه المذاهب في مجتمعاتهم وتبنوها، هذا كل ما في الأمر، وليس في هذا دليل على وجوب اتباعها.
يقول المقريزي: " استمرت ولاية القضاة الأربعة من سنة 566 ه‍ حتى لم يبق في مجموع أمصار الإسلام مذهب يعرف من مذاهب الإسلام غير هذه الأربعة، وعودي من تمذهب بغيرها، وأفتى فقهاؤهم في هذه الأمصار بوجوب اتباع هذه المذاهب وتحريم ما عداها، والعمل على هذا إلى اليوم، وأعلن الظاهر بيبرس سد باب الاجتهاد، وما زال أمر بيبرس نافذا بالرغم من زوال ملكه " (1).
قال عبد المتعال الصعيدي: " وإني أستطيع أن أحكم هنا بأن منع الاجتهاد قد حصل بطرق ظالمة، وبوسائل القهر والإغراء بالمال، ولا شك أن هذه الوسائل لو قدرت لغير المذاهب الأربعة التي نقلدها الآن لبقي لها جمهور يقلدها أيضا، ولكانت الآن مقبولة عند من ينكرها " (2).
قيل في الأئمة الأربعة وهؤلاء الأئمة تكلموا في بعضهم البعض، وانتقدهم العلماء في مختلف العصور، من ذلك: ما أخرجه الخطيب بالإسناد إلى وكيع، قال: اجتمع سفيان الثوري وشريك

١ - الخطط المقريزية: ٢ / ٣٣٣. وقد ذهب السيد سابق إلى أن للحكام دورا كبيرا في ايجاد هذه المذاهب، راجع: فقه السنة: ١ / 14.
2 - ميدان الاجتهاد: ص 14.
(٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 ... » »»