الواحدة، بل الاختلاف قائم بين فقهاء المذهب الواحد، ونحن نعلم بديهة أن حكم الله في أي موضوع واحد لا ثاني له، فالحق واحد لا يتعدد. فإن قيل: إن اختلافهم في الفروع لا في الأصول وهذا الاختلاف هو رحمة لقول الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم): " اختلاف أمتي رحمة " وبإمكان المسلم أن يأخذ من أي مذهب منها فكلها من نبع النبوة.
قلنا: حاشا لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يقصد هذا المعنى الظاهري للحديث. فكيف يحثهم على الاختلاف وهو يتلو لهم عن رب العزة:
﴿واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا﴾ (١)، وقوله تعالى: ﴿ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم﴾ (٢)، وقوله: ﴿ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات﴾ (٣)، وقوله: ﴿إن هذه أمتكم أمة واحدة﴾ (٤)، وقوله:
﴿إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شئ﴾ (5).
فكيف يأتي الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بهذه الآيات ثم يقول للناس: اختلفوا فإن اختلافكم رحمة!! ولنا ان نقول: إذا كان اختلافهم رحمة فما بال الأئمة الأربعة والفقهاء في إطار مذهبهم يتفقون أحيانا؟
فبمقتضى هذا الفهم للحديث لا يجب عليهم أن يتفقوا لأن اتفاقهم واجتماعهم نقمة، فكان الواجب عليهم ان يختلفوا في كل المسائل حتى تعم الرحمة المفرقة لأبناء الإسلام إلى مذاهب مختلفة!!
ومن رجع إلى كتب التاريخ والمذاهب سيجد مظاهر هذه الرحمة بأجلى صورها.
لقد ولد الشافعي سنة 150 ه وهي السنة التي توفي فيها أبو حنيفة فقالت الحنفية