الأوس والخزرج أبا بكر طوعا وكرها وكان أصحاب السقيفة لا يمرون بأحد من الناس إلا خبطوه، وقدموه فمدوا يده فمسحوها على يد أبي بكر يبايعه (1) وفي هذه الأثناء وبينما كان علي وبنو هاشم قد فرغوا من دفن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أتاهم الخبر بأن الناس بايعوا أبا بكر فتخلف علي وبنو هاشم عن بيعة أبي بكر ولم يبايع (عليه السلام) إلا بعد ستة أشهر لا تنازلا عن حقه بل لرأب الصدع وحفظ البيضة.
وصبر علي على طول المدة وشدة المحنة وهو لا يتوانى لحظة في تقديم مشورته لخدمة الإسلام (2).
وتتوالى الأحداث ويبايع علي بالخلافة، ولكن بعد أن اختلط الحابل بالنابل.
يحدثنا الإمام علي (عليه السلام) عن محنته في خطبته الثابتة المعروفة بالشقشقية فيقول:
" أما والله لقد تقمصها (3) فلان وإنه ليعلم أن محلي منها محل القطب من الرحا، ينحدر عني السيل، ولا يرقى إلي الطير، فسدلت دونها ثوبا، وطويت عنها كشحا، وطفقت أرتئي بين أن أصول بيد جذاء، أو أصبر على طخية عمياء، يهرم فيها الكبير، ويشيب فيها الصغير، ويكدح فيها مؤمن حتى يلقى ربه! فرأيت أن الصبر على هاتا أحجى، فصبرت وفي العين قذى، وفي الحلق شجا، أرى تراثي نهبا، حتى مضى الأول لسبيله، فأدلى بها إلى فلان من بعده. ثم تمثل بقول الأعشى:
شتان ما يومي على كورها * ويوم حيان أخي جابر فيا عجبا!! بينا هو يستقيلها في حياته إذ عقدها لآخر بعد وفاته - لشد ما تشطرا