وركبت السفينة - مروان خليفات - الصفحة ٤٩٢
وأي تفسير غير هذا، هو اتهام للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بتضييع أمته، إذ إنه يعلم بموته ويترك أمته بلا راع مع هذا الحال؟
فلا مندوحة عن القول: إن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) اتخذ إجراءا إيجابيا إزاء هذه الأخطار، وهو إبقاء علي ليستلم الخلافة.
وبعث أبي بكر مع أسامة، فيه دليل لا أقوى منه على أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يكن يفكر بأن يعهد لأبي بكر بالخلافة، كما يزعم بعضهم. فالنبي يعلم أن أبا بكر قد يتعرض للقتل، ويعلم بإمكان تأخر الجيش بسبب القتال أو لطول المسافة. فلا يعقل أن يترك أمر الخلافة فارغا حتى يعود الجيش ويبايعوا أبا بكر. هذا على افتراض أنه لم يعين خليفته، وهو مرفوض.
لكن هؤلاء الصحابة رفضوا الذهاب لأنهم علموا قصد النبي من بعثهم في هذه الفترة، وإبقاء علي دونهم.
وغابت شمس النبوة وينتقل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى جوار ربه، بعد أن بلغ رسالته، حزينا على أمته. وبينما كان الناس وبنو هاشم مذهولين لهول المصيبة، ويحضرون لتجهيز النبي، اجتمع الأنصار في سقيفة بني ساعدة ليختاروا من بينهم خليفة. ولم يكن اجتماعهم في مسجد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي كان ملتقى المسلمين السياسي والديني. فلماذا لم يجتمعوا في المسجد يا ترى؟ ألأنهم أرادوا الأمر لأنفسهم ولكي يسبقوا المهاجرين إليه؟!!
ولكن الأمر لم يتم لهم فقد علم عمر بن الخطاب بخبر السقيفة، فأرسل إلى أبي بكر وحده! وأخبره باجتماع السقيفة (1).

١ - راجع تاريخ الطبري: ٢ / 456.
(٤٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 487 488 489 490 491 492 493 494 495 496 497 ... » »»