وركبت السفينة - مروان خليفات - الصفحة ٤٨٦
وارتدت العرب، والفرس والروم تتجهزان لضرب الإسلام. فكيف يترك النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أمته دون خليفة في مثل هذه الظروف الخطيرة.
لقد جاهد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كثيرا في سبيل بناء دولته، حتى إذا نشأت ووقفت على قدميها يتركها دون قيم؟! لو كان قد فعل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) هذا - حاشاه - ألم يكن كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا؟
النبي يستخلف في غزواته:
كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في كل غزوة يغزوها يستخلف على المدينة أحد أصحابه، وما غاب عنها قط أياما معدودات إلا واستخلف عليها من ينوب عنه. ففي غزوة أحد استخلف ابن أم مكتوم، وفي غزوة بني المصطلق استخلف زيد بن حارثة، وفي غزوة ذات الرقاع استخلف عثمان بن عفان، وفي غزوة تبوك استخلف عليا. حتى أن جبل أحد كان على بعد ميل من المدينة، فجعل النبي عليه خمسين من الرماة وجعل ابن جبير قيما عليهم ولم يتركهم هملا.
إذا كان هذا هو دأب الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) في غيابه عن المدينة بضعة أيام، فهل يعقل أن يترك أمة بأسرها دون خليفة وهو سيتركها للأبد؟!
يستخلف على مدينة، ويترك أمة!! إنه أمر لا يجوز على أعظم سياسي عرفه التاريخ. أيتهم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بفعل المهم وترك الأهم، من أجل الحفاظ على كرامة السلف؟
لا والله، فمن كان غيورا ومحبا لنبي الإسلام، لا نتصور أنه يوافق على هذا.
وها هو النبي يبعث جيشا لمؤته ويقول: أميركم زيد، فإن قتل فجعفر، فإن قتل فعبد الله. هذا ما فعله في مؤتة. أفتراه (صلى الله عليه وآله وسلم) يترك أمته ولم يبين لهم الخليفة من بعده، ليختاروا هم لأنفسهم، وكأن رأيهم واختيارهم أهدى وأرشد لهم من رأيه واختياره!!
النبي الحكيم يضع ثلاثة قواد على جيش مؤتة، البالغ ثلاثة آلاف فرد، ويترك أكثر من مئة ألف دون قائد؟!
(٤٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 481 482 483 484 485 486 487 488 489 490 491 ... » »»