وقال ابن عمر لأبيه: " يا أمير المؤمنين استخلف على أمة محمد، فإنه لو جاءك راعي إبلك أو غنمك وترك إبله وغنمه بلا راع للمته وقلت له: كيف تركت أمانتك ضائعة؟! فكيف يا أمير المؤمنين بأمة محمد؟ " (1).
نعم فكيف بأمة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)؟ هل يعقل أن يتركها النبي ضائعة على حد تعبير ابن عمر أم استخلف عليها؟!
وهكذا سار الخلفاء طوال فترات التاريخ فكل واحد يشعر بدنو أجله يوصي لمن بعده. فهل خفي على سيد الحكماء (صلى الله عليه وآله وسلم) هذه البديهة العقلية؟
ولو صح أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قد ترك أمته بلا راع، فقد أخطأ حكام المسلمين على مر التاريخ إذ أوصوا لمن بعدهم، خلافا للنبي!
سألني أحد الأصدقاء، أن أثبت له وجوب تعيين النبي لخليفته، فقلت له: لو أن عندك زوجة وأولادا، وأردت أن تسافر بضعة أيام، وتعلم أن هناك من يريد الفتك بك وبعائلتك في أقرب فرصة تسنح له، فهل كنت تتركهم دون قيم عليهم يهتم بأمورهم ويلم شملهم؟!!
قال: لا أستطيع تركهم دون قيم عليهم.
قلت: لو فعلت ذلك وتركتهم، ألا تكون بفعلك هذا ساعيا في هدم بيتك؟ قال:
نعم.
قلت: كيف توجب على نفسك وضع مسؤول على عدة أفراد ستعود إليهم بعد أيام، ولا توجب أن يضع الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) مسؤولا على أمة لن يعود إليها؟! أليس ذلك في حقه أولى؟! وقد كان النبي يعلم أن أمته على ساحل بحر من الفتن. والمنافقون بين الصفوف يتحينون الفرص، وهاهم قبل فترة حاولوا قتل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).