وركبت السفينة - مروان خليفات - الصفحة ٤٣
ولا يميزون بين الشمال واليمين، بل يجمعون ما يجدون كحاطب ليل، فالويل لمن قلدهم كل الويل " (1).
9 - وقد كان تلاميذ مالك يحذرون من الأخذ بآرائهم، قال عبد الله بن يحيى:
" كنت آتي ابن القاسم فيقول لي: من أين؟ فأقول: من عند وهب، فيقول: الله الله اتق الله، فإن أكثر هذه الأحاديث ليس عليها العلم، قال: ثم آتي ابن وهب فيقول من أين؟
فأقول من عند ابن القاسم، فيقول: اتق الله، فإن أكثر هذه المسائل رأي " (2) فهذه شهادة تلاميذ مالك في فتاوى المذهب، ولا يخفى أنهم أعلم منا بمذهبهم، فهم يقرون بأن أكثر أحاديثهم رأي، وقد مر علينا قبل قليل قول مالك: " ولا تتبع الرأي " فكأن مالكا وتلاميذه يقولون لنا: لا تتبعونا فإن أكثر أحاديثنا رأي!!
10 - وقال سحنون - وهو من أشهر تلاميذ مالك -: " ما أدري ما هذا الرأي الذي سفكت به الدماء، واستحلت به الفروج، واستحقت به الحقوق " (3).
11 - وقال سند بن عنان المالكي في شرحه على مدونة سحنون المعروفة بالأم ما لفظه: " أما مجرد الاقتصار على محض التقليد، فلا يرضى به رجل رشيد، وقال: نفس المقلد ليس على بصيرة، ولا يتصف في العلم بحقيقة. إذ ليس التقليد بطريق إلى العلم بوفق أهل الوفاق...
أما التقليد فهو قبول قول الغير من غير حجة، فمن أين يحصل به علم، وليس له مستند إلى قطع؟! وهو - أيضا - نفسه بدعة محدثة، لأنا نعلم بالقطع أن الصحابة رضوان الله عليهم لم يكن في زمانهم وعصرهم مذهب لرجل معين يدرك ويقلد...

١ - ذكره عنه محمد زكريا البرديسي - أستاذ الشريعة في كلية الحقوق جامعة القاهرة - في كتابه أصول الفقه: ص ٤٧٧.
٢ - جامع بيان العلم وفضله: ٢ / 1111. إعلام الموقعين: 1 / 77. ملخص إبطال القياس: ص 68.
3 - إعلام الموقعين: 1 / 79. الإحكام: 5 / 222.
(٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 ... » »»