لقد ثبت في الصحيحين وغيرهما: إن من الصحابة من يدخل النار. ولهذا لا نستطيع أن نجعل الصحابة قناة تربطنا بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم). إذ كيف نأخذ ديننا عن أهل النار؟!
فلابد من تمييز الصحابة المساقين إلى النار من الناجين، ثم نفكر في من يصح الأخذ عنهم. فإن قيل إن المساقين إلى النار هم المنافقون والمرتدون، قلنا: إن القسم الأكبر من المنافقين لا يعلمهم إلا الله. فلا يمكن إحرازهم. فعدم إحرازنا للصحابة المساقين إلى النار يوجب علينا التوقف في الأخذ عن الصحابة. وليس في هذا تعطيل للإسلام. بل إن البديل موجود. فليحذر العقلاء من أن يجعلوا أهل النار أدلاء لهم في دين الله.
طريقة تلقي الصحابة يقول ابن تيمية: " وقد كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يحدث، أو يفتي أو يقضي، أو يفعل الشئ، فيسمعه أو يراه من يكون حاضرا، ويبلغه أولئك - أو بعضهم - لمن يبلغونه فينتهي علم ذلك إلى من شاء الله من العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم. ثم في مجلس آخر قد يحدث، أو يفتي، أو يقضي، أو يفعل شيئا، ويشهده بعض من كان غائبا عن ذلك المجلس، ويبلغونه لمن أمكنهم، فيكون عند هؤلاء من العلم ما ليس عند هؤلاء، وعند هؤلاء ما ليس عند هؤلاء " (1).
الإشكال الذي يرد هنا: إن الصحابي قد يسمع حديثا فيرويه فيما بعد ويعمل به الناس، ولنفترض أن هذا الصحابي في الشام، ولكن بما أنه " عند هؤلاء من العلم ما ليس عند هؤلاء، وعند هؤلاء ما ليس عند هؤلاء "، فقد يكون لهذا الحديث الذي رواه الصحابي للناس في الشام ناسخ مع صحابي آخر، ولنفترضه رواه لأهل العراق، فيصيب