فقالت عائشة: رحم الله أبا هريرة، أساء سمعا فأساء إصابة، أما قوله: " لأن أمتع بسوط في سبيل الله أحب إلي من أن أعتق ولد الزنا "، إنها لما نزلت ﴿فلا اقتحم العقبة * وما أدراك ما العقبة﴾ (1). قيل: يا رسول الله، ما عندنا ما نعتق، إلا أن أحدنا له جارية سوداء، تخدمه وتسعى عليه. فلو أمرناهن - الجواري - فزنين، فجئن بالأولاد فأعتقناهم، فقال رسول الله: " لأن أمتع بسوط في سبيل الله، أحب إلي من أن آمر بالزنا، ثم أعتق الولد ".
وأما قوله: " ولد الزنى شر الثلاثة " فلم يكن الحديث على هذا، إنما كان رجل من المنافقين يؤذي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: " ومن يعذرني من فلان؟ "، قيل: يا رسول الله مع ما به ولد زنا، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): " هو شر الثلاثة " والله (2) يقول: (ولا تزر وازرة وزر أخرى)... " (3) (4).
هذا مثال آخر يبين لنا عدم أهلية الصحابة لنقل الإسلام لمن بعدهم. فقد أخفق أبو هريرة في نقل الحديث حتى أصلحت له عائشة خطأه. والذي ينبغي الوقوف عنده أن لأبي هريرة في كتب السنن 5374 حديثا، فمن يضمن لنا أن لا يكون أبو هريرة قد أخطأ في نقلها كما حصل له في هذا الحديث والذي قبله؟ نحن لا نقول: جميع أحاديثه بل لنقل الأحاديث التي تفرد بها. نعم، من يضمن لنا ذلك؟ وإذا لم نجد جوابا فكيف يمكن لنا أن نعتمد على أبي هريرة في نقل سنة النبي؟! إننا في حاجة لجواب يحل لنا هذه المعضلة التي تمس الإسلام أجمعه. وهل حقا أن الله اختار أبا هريرة لتبليغ سنة نبيه؟ أنا لا أتصور مسلما يقول بالإيجاب بعدما عرف إخفاق أبي هريرة في النقل. والذي يقول إن الله اختار أبا هريرة لهذه المهمة متهم لله بأنه فرط في دينه، إذ رضي أن تتغير تعاليم الإسلام بمعتقدات جاهلية...