أنهم لا يألون عن الخير، فأخاف أن يشبه لي كما شبه لهم... " (1).
هذه شهادة لصحابي كبير في أن الصحابة كانوا يخطئون في نقل أحاديث النبي.
وقول عمران هذا يدخل علينا الشك في الأحاديث التي بين أيدينا. فلربما يكون بعضها عن هؤلاء الصحابة الذين كانوا يغلطون. إننا لو علمنا أسماءهم أو علمنا رواياتهم لربما يحل الإشكال بورود رواياتهم عن طريق آخر، ولكن للأسف لا نستطيع إحراز أسمائهم ولا رواياتهم.
فكيف يطمئن المسلم بجعل هؤلاء الصحابة همزة الوصل بينه وبين منبع تعاليم الإسلام؟! وكيف يطمئن بكل الأحاديث التي وصلت إلينا مما قد تكون من الأحاديث الخاطئة؟! وهل يمكن القول إن الله (2) - وهو الحريص على إيصال دينه إلى عباده بصورة صحيحة - وضع لنا بعد نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) مرجعية تخطئ في النقل؟! لا أعتقد أن مسلما يقول ذلك.
قال زيد بن ثابت: " لعل كل شئ حدثتكم به ليس كما حدثتكم " (3)!!!
إن زيدا يدعونا إلى التشكيك في كل أحاديثه التي وصلت إلينا، فلا ندري كيف نأخذ بأحاديثه بعد هذا؟
إنني لا أستطيع أن آخذ ديني عن زيد بن ثابت بعد شهادته هذه على نفسه. كما إن كل حديث مرسل يواجهنا سنفترض أنه مأخوذ عن زيد وسنشكك به لأنه قد لا يكون كما حدثهم به!!
وإنني أرى في قول زيد هذا أكبر عائق يقف أمامنا ويمنعنا عن جعل زيد والصحابة مراجعنا بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم). فإذا شك زيد في أحاديثه - وهو من علماء الصحابة - فهذا الشك وارد في حق الصحابة الآخرين ممن هم أقل حفظا وضبطا للحديث من زيد!!