لقد مرت شهادات الصحابة بأنهم كانوا مشغولين بأعمالهم، وكانوا يأتون النبي طرفي النهار حسب قول طلحة.
ونحن نعلم إن الإسلام هو خاتم الرسالات وللعالم أجمع. لذلك لا بد من القول: إن هناك شخصا ممن رافق الدعوة خطوة خطوة واستوعب الإسلام استيعابا كاملا بحيث يجسده في قوله وسلوكه وهذا هو الواجب، أما الصحابة فقد خفي عليهم الكثير من الرسول، وكانوا يأتون طرفي النهار ولا يحضر إلا الواحد أو الاثنان على حد تعبير ابن حزم.
ولو فكر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بأن يعهد للصحابة القيادة الفكرية للأمة لقام بتعبئتهم التعبئة الكاملة بالإسلام حتى ينقلوه للأجيال، وحتى لا يصطدموا بالمستجدات.
فقلة تلقي الصحابة عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) تتدفعنا إلى القول بأنه لم يفكر بأن يسند إليهم حمل الدعوة من بعده. وكيف يمكن لإنسان عاش مع النبي بضعة أشهر (1) أن يستوعب الإسلام الذي بقي ينزل ثلاثا وعشرين سنة؟! والذي يصعب تصديقه هو القول: إن النبي قد حمله أمانته العظمى!
إن "... أي افتراض يتجه إلى القول بأن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يخطط لإسناد قيادة التجربة والقيمومة على الدعوة بعده مباشرة إلى جيل المهاجرين والأنصار يحتوي ضمنا على اتهام أكبر وأبصر قائد رسالي في تاريخ العمليات التغييرية بعدم القدرة على التمييز بين الوعي المطلوب على مستوى القاعدة الشعبية للدعوة، والوعي المطلوب على مستوى قيادة الدعوة وإمامتها الفكرية والسياسية " (2).