تنتشر السنة التي تبين القرآن وتفصل مجمله وتخصص عامه وتقيد مطلقه. قال تعالى:
﴿وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم﴾ (١) وقال تعالى: ﴿وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه وهدى ورحمة لقوم يؤمنون﴾ (٢) فالسنة هي المصدر الثاني بعد القرآن يقول الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم): (ألا إني أوتيت القرآن ومثله معي).
فلماذا امتنع الصحابة عن الرواية وأقلوها وأحرقوا السنن وهم حملة الدعوة إلى الناس؟!
إن الله يخاطب نبيه: (وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم) فمهمة الرسول البيان.
وإذا كان الصحابة خلفاءه في حمل الدعوة فمهمتهم أيضا البيان.
أما أن يقلوا الرواية وينهوا عنها ويحرقوا السنن ويحبسوا... فهذا لم يحصل في تاريخ الدعاة إلى الله!
إن الله لم يبعث أنبياءه (عليهم السلام) دعاة يحتكرون رسالات ربهم ويكتمون ما أمرهم الله بتبليغه ويحرقون السنن ويمحونها.
هذا نوح (عليه السلام) على الرغم من محدودية رسالته مكانا وزمانا ومع بقائه تسعمائة وخمسين سنة في قومه لم يتوان عن الدعوة في أي لحظة، ولم يحرق ويمح ما أمره الله بتبليغه، بل كان يدعو الناس ليلا ونهارا سرا وإعلانا، قال تعالى على لسانه:
﴿إني دعوت قومي ليلا ونهارا﴾ (٣)، ﴿ثم إني دعوتهم جهارا * ثم إني أعلنت لهم وأسررت لهم إسرارا﴾ (4).