وركبت السفينة - مروان خليفات - الصفحة ٢٠٣
بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، حتى أن مساحة هائلة من الأرض التي امتد إليها الفتح الإسلامي لم يكن لدى الخليفة والوسط الذي يسنده أي تصور محدد عن حكمها الشرعي وعما إذا كانت تقسم بين المقاتلين أم تجعل وقفا على المسلمين عموما.
فهل يمكننا أن نتصور ان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يؤكد للمسلمين انهم سوف يفتحون أرض كسرى وقيصر ويجعل من جيل المهاجرين والأنصار القيم على الدعوة والمسؤول عن هذا الفتح ثم لا يخبره بالحكم الشرعي الذي يجب أن يطبق على تلك المساحة الهائلة من الدنيا التي سوف يمتد إليها الإسلام " (1).
إن التقليل من الرواية ومنعها وحرق السنن ومحوها ليس من صفات الدعاة إلى الله. فالمفترض بالصحابة إذا كان قد انتدبهم الله لبيان دينه: أن يقوموا بأعباء هذه المهمة خير قيام، خاصة وإن أمامهم عملا شاقا وطويلا. لكننا وجدنا الصحابة قد عملوا ما يؤثر سلبا على الدعوة. إن الله يريد لدينه أن ينتشر في كل مكان، فما معنى امتناع الصحابة عن الرواية إذا كان الله قد اختارهم لتبليغ دينه؟!
هذا قرظة بن كعب لما قدم العراق قالوا له: حدثنا، فقال: " نهانا عمر ". عجبا كيف سيعرف هؤلاء دينهم وسنة نبيهم، وحملة الدين لا يتكلمون؟! إن الداعية يفرح إذا وجد من يصغي له. فلماذا يمتنع هذا الصحابي وغيره عن الدعوة؟ وأين ذهب قول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): " ليبلغ الشاهد الغائب "؟ (2).
وقوله: " نضر الله عبدا سمع مقالتي فوعاها ثم بلغها عني، فرب حامل فقه غير فقيه ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه " (3).
إن الإسلام لا يقبل بمنع الرواية وتقليلها، بل يشجع على نشرها بكل الطرق حتى

١ - بحث حول الولاية: ص ٤٥ - ٤٧.
٢ - صحيح البخاري: كتاب العلم، باب يبلغ العلم الشاهد الغائب، سنن ابن ماجة: ١ / ٨٥.
٣ - ابن ماجة: ج ١ باب ١٨ حديث ٢٣٦. سنن أبي داود: كتاب العلم، باب فضل نشر العلم.
(٢٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 ... » »»