مهجورة، فماذا تكون نسبة مثل هؤلاء إلى الأمة حتى يسمون فرقة. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى إذا كانت كل فرقة تؤاخذ برأي فرد شاذ منها ويسمى ذلك الشاذ فرقة فإن كل فرقة يمكن أن تنقسم حينئذ إلى آلاف الفرق وسوف ينتهي الأمر إلى أن يعد كل فرد أمة برأسه فلا يوجد شخص ليس له ما يمتاز به عن غيره في بعض الآراء السليمة، أما الآراء الشاذة فما دامت لا تعد من الآراء السائدة والمتعارف عليها عند الفرقة فلا تعتبر من آرائها وقد بادت بعض الفرق ومع ذلك فلا تزال آراؤهم تلقى على بعض من يعيش اليوم مع أنه برئ منها.
3 - النقطة الثالثة:
يتحتم على كل كاتب إذا أراد أن يكون لرأيه وزن أن يشعر بمسؤولية الكلمة لما يترتب على الكلمة من آثار ولوازم لها خطرها وفعلها في المجتمع، فلا بد حين الكتابة من أن يعتمد على مصادر الفئة نفسها التي يكتب عنها على أن يكون ذلك المصدر أو الكتاب من الكتب المعتبرة عند الفئة والمتسالم عليها أنها تمثل الفئة وتشكل محصل آرائهم وجماع مذهبهم كالصحاح عند السنة والصحاح عند الشيعة فيما تسالموا عليه من رواياتها واعترفوا بصحته لا كل ما يرد فيها فإن في كتب الصحاح عند الفريقين ما لا يعترف به (1). كل ذلك مع اعتماد الموضوعية والبحث عن الحقيقة، فضلا عن أن يكتب الباحث عن فرقة ويكون مصدره في البحث عنها من مؤلفات خصومها، وليت الخصوم الذين إليهم ممن يعرف بالصدق والاستقامة ولكنهم يستندون إلى أقوال من عرف بالوضع والافتعال وعدم التحرج فيرسلون رأيه إرسال المسلمات ويرتبون على كلامه كل اللوازم لتلك الكلمات. وهذا وضع من شأنه لا يسقط كل أمثال هذه الكتب عن الاعتبار فمتى كان الكذب والوضع مصدرا عن أحوال الناس والله تعالى نهانا عن تصديق الفاسقين.