مقدمة في أصول الدين - الشيخ وحيد الخراساني - الصفحة ١٠٠
وإذا أخذنا في الاعتبار طول هذه المدة وكثرة تلك العوامل، لعلمنا أنه لو كان مثل هذا الكتاب من بيان ذلك الإنسان لكان مشتملا على اختلافات كثيرة، ولكنا لا نجد في القرآن أدنى تفاوت أو اختلاف! وهذا يدل دلالة قطعية على أنه نزل من أفق أعلى من فكر الإنسان وحالاته المتفاوتة، وأنه مقام الوحي المقدس عن الجهل والغفلة، {أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلفا كثيرا} (1).
معجزة التربية العملية بالقرآن إذا ادعى أحد التفوق في الطب على جميع الأطباء في العالم، فإنه يوجد طريقان لإثبات دعواه:
الأول: أن يأتي بكتاب في الطب، فيه علل الأمراض والأدوية والتداوي...
بحيث لا يوجد نظيره في الكتب الطبية.
والثاني: أن يستطيع معالجة مريض قد استولى المرض على جميع أعضائه وقواه حتى أشرف على الموت، وقد عجز الأطباء عن معالجته، فعوفي على يده وعادت إليه السلامة الكاملة.
والأنبياء (عليهم السلام) هم أطباء عقول البشر وأرواحهم، والمعالجون للأمراض التي تطرأ للإنسان بما هو إنسان، ونبينا محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) صفوة هؤلاء الأطباء وأرقاهم، والدليل العلمي على ذلك هو القرآن الكريم، هذا الكتاب الذي لا نظير له في بيان علل الأمراض الفكرية والأخلاقية والعملية للفرد والمجتمع وبيان علاجها،

(١٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 ... » »»