مقدمة في أصول الدين - الشيخ وحيد الخراساني - الصفحة ٥١٨
القيام، قليل المنام.
قلبه تقي، وعلمه زكي، إذا قدر عفا، وإذا وعد وفا، يصوم رغبا، ويصلي رهبا، ويحسن في عمله كأنه ناظر إليه، غض الطرف، سخي الكف، لا يرد سائلا، لا يبخل بنائل، متواصلا إلى الإخوان، مترادفا للإحسان، يزن كلامه ويخرس لسانه، لا يغرق في بغضه، ولا يهلك في حبه، ولا يقبل الباطل من صديقه، ولا يرد الحق على عدوه، ولا يتعلم إلا ليعلم، ولا يعلم إلا ليعمل، قليلا حقده، كثيرا شكره، يطلب النهار معيشته، ويبكي الليل على خطيئته، إن سلك مع أهل الدنيا كان أكيسهم، وإن سلك مع أهل الآخرة كان أورعهم، لا يرضى في كسبه بشبهة، ولا يعمل في دينه برخصة، يعطف على أخيه بزلته، ويرعى ما مضى من قديم صحبته) (1).
2 - عن علي بن الحسين زين العابدين (عليهما السلام) أنه قال:
(إذا رأيتم الرجل قد حسن سمته وهديه، وتماوت في منطقه، وتخاضع في حركاته، فرويدا لا يغرنكم، فما أكثر من يعجزه تناول الدنيا وركوب الحرام منها لضعف نيته ومهانته وجبن قلبه، فنصب الدين فخا لها، فهو لا يزال يختل الناس بظاهره فإن تمكن من حرام اقتحمه.
وإذا وجدتموه يعف عن المال الحرام فرويدا لا يغرنكم، فإن شهوات الخلق مختلفة، فما أكثر من ينبو عن المال الحرام وإن كثر، ويحمل نفسه على شوهاء قبيحة فيأتي منها محرما.
فإذا وجدتموه يعف عن ذلك فرويدا لا يغرنكم، حتى تنظروا ما عقده عقله، فما أكثر من ترك ذلك أجمع، ثم لا يرجع إلى عقل متين، فيكون ما يفسده بجهله أكثر مما يصلحه بعقله.
فإذا وجدتم عقله متينا فرويدا لا يغركم، حتى تنظروا أمع هواه يكون على عقله، أو يكون مع عقله على هواه؟ وكيف محبته للرئاسات الباطلة وزهده فيها، فإن في الناس من خسر الدنيا والآخرة بترك الدنيا للدنيا، ويرى أن لذة الرئاسة الباطلة أفضل من لذة الأموال والنعم المباحة المحللة، فيترك ذلك أجمع طلبا للرئاسة، حتى إذا قيل له اتق الله، أخذته العزة بالإثم، فحسبه جهنم ولبئس المهاد!

(٥١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 513 514 515 516 517 518 519 520 521 522 523 ... » »»