مقدمة في أصول الدين - الشيخ وحيد الخراساني - الصفحة ٣٦٠
ونحن قاصرون عن إدراك الشخصية التي تجلت معرفته بالله في أدعيته وعبادته لله، باستمهاله العدو ليلة عاشوراء لإحيائها بقراءة القرآن وإقامة الصلاة.
تلك الليلة التي أحاطته البلية من كل جانب، ورأى بعينه الناظرة بنور الله ما يجري عليه وعلى أهل بيته وأصحابه، ومع ذلك كان يناجي ربه بصلاته أو يناجيه ربه بكلامه، وله ولأصحابه المستضيئين بنوره دوي كدوي النحل.
* ومن كلامه المروي في تلك الليلة: " أثني على الله أحسن الثناء وأحمده على السراء والضراء، اللهم إني أحمدك على أن أكرمتنا بالنبوة، وعلمتنا القرآن، وفقهتنا في الدين، وجعلت لنا أسماعا وأبصارا وأفئدة، ربنا فاجعلنا من الشاكرين " (1).
لقد بلغ (عليه السلام) من الصبر الذي جعله الله سبحانه وتعالى ملاكا لمقام الإمامة، وقال: {وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا} (2) مرتبة تعجبت من صبره ملائكة السماوات.
وبلغ من الشكر مرتبة بحيث لم ير ما نزل عليه مصيبة، بل يرى كل ما ورد عليه من المصائب نعمة، فهو يثني على الله في أشد البلاء أحسن الثناء، ويرى الضراء رحمة من الله كالسراء فيحمده عليهما، ولا ينظر إلى ما ابتلاه الله به، بل نظره مقصور على ما أكرمه الله به، وآخر دعواه ربنا فاجعلنا من الشاكرين.
وإن البيان ليقل واللسان ليكل عن بيان شهادته التي عظمت رزيتها في الآفاق والأنفس.
ومقتضى العدل والحكمة أن تكون الدرجات على وزان الأعمال {ولكل

(٣٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 355 356 357 358 359 360 361 362 363 364 365 ... » »»