مقدمة في أصول الدين - الشيخ وحيد الخراساني - الصفحة ٣٥٨
وتحرضت على نقض عهدك، ولعمري ما وفيت بشرط، ولقد نقضت عهدك بقتلك هؤلاء النفر الذين قتلتهم بعد الصلح والأيمان والعهود والمواثيق، فقتلتهم من غير أن يكونوا قاتلوا وقتلوا، ولم تفعل ذلك بهم إلا لذكرهم فضلنا وتعظيمهم حقنا، فقتلتهم مخافة أمر، لعلك لو لم تقتلهم مت قبل أن يفعلوا أو ماتوا قبل أن يدركوا، فأبشر يا معاوية بالقصاص واستيقن بالحساب، واعلم أن لله تعالى كتابا لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، وليس الله بناس لأخذك بالظنة، وقتلك أولياءه على التهم، ونفيك أوليائه من دورهم إلى دار الغربة، وأخذك للناس ببيعة ابنك غلام حدث يشرب الخمر ويلعب بالكلاب، لا أعلمك إلا وقد خسرت نفسك وتبرت دينك، وغششت رعيتك [وأخزيت] أخربت أمانتك، وسمعت مقالة السفيه الجاهل، وأخفت الورع التقي لأجلهم. والسلام (1).
ولما قرأ معاوية الكتاب أشار من حوله إليه بأن يجيبه بما يصغر إليه نفسه، قال: وما عسيت أن أعيب حسينا، والله ما أرى للعيب فيه موضعا.
ومن تأمل هذا الجواب يعلم ما معنى قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): " وأنا من حسين ".
وكتب (عليه السلام) في وصيته إلى أخيه: بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما أوصى به الحسين بن علي بن أبي طالب إلى أخيه المعروف بابن الحنفية، إن الحسين يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، جاء بالحق من عند الحق، وأن الجنة والنار حق، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور، وأني لم أخرج أشرا ولا بطرا ولا مفسدا ولا ظالما، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي (صلى الله عليه وسلم) أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر، وأسير بسيرة جدي وأبي علي بن أبي طالب، فمن قبلني بقبول الحق، فالله أولى بالحق، ومن رد علي هذا أصبر حتى يقضي الله بيني وبين القوم بالحق، وهو خير الحاكمين (2).

(1) اختيار معرفة الرجال (رجال الكشي) ص 48 رقم 98 و 99 في ترجمة عمرو بن الحمق، الإحتجاج ج 2 ص 21 بتفاوت.
(2) العوالم، للإمام الحسين (عليه السلام)، ص 179، وبتفاوت في مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 89.
(٣٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 353 354 355 356 357 358 359 360 361 362 363 ... » »»