مقدمة في أصول الدين - الشيخ وحيد الخراساني - الصفحة ٢٧٩
بما ان إحقاق الحقوق مما يتوقف عليه نظام الدين والدنيا، كما قال (عليه السلام): " فإن الحكم في إنصاف المظلوم من الظالم، والأخذ للضعيف من القوي، وإقامة حدود الله على سنتها.
ومنهاجها، مما يصلح عباد الله وبلاده "، لذا اشترط (عليه السلام) في القاضي ما يتحقق به الغرض من القضاء الذي هو من مناصب الأنبياء والأوصياء، فقال (عليه السلام): " ثم اختر للحكم بين الناس أفضل رعيتك في نفسك [وأنفسهم للعلم والحلم والورع والسخاء]، ممن لا تضيق به الأمور، ولا تمحكه الخصوم، ولا يتمادى في [إثبات] الزلة، ولا يحصر من الفئ إلى الحق إذا عرفه، ولا تشرف نفسه على طمع، ولا يكتفي بأدنى فهم دون أقصاه، وأوقفهم في الشبهات، وآخذهم بالحجج، وأقلهم تبرما بمراجعة الخصم [الخصوم]، وأصبرهم على تكشف الأمور، وأصرمهم عند اتضاح الحكم، ممن لا يزدهيه إطراء، ولا يستميله إغراء [اغراق]، [ولا يصغي للتبليغ، فول قضائك من كان كذلك وهم] وأولئك قليل،... ".
فإذا كان القاضي عالما حليما ورعا سخيا، لا يؤثر فيه تطميع، ولا يتأثر بتخويف، متوقفا عند الشبهة، قاطعا للخصومة عند اتضاح الحكم، لا يكتفي في الحكم إلا بأقصى مراتب الفهم لاستكشاف الحق، وكان أصبرهم على كشف الأمر، وإذا عرف الحق لا يصرفه عنه صارف بلغ ما بلغ، فإن قضاء مثله يكون مصلحا للعباد وعامرا للبلاد، وما أراد الله من الحكام من الحكم بالحق والعدل {وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل} (1)، {يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق} (2).
*

(٢٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 274 275 276 277 278 279 280 281 282 283 284 ... » »»