مقدمة في أصول الدين - الشيخ وحيد الخراساني - الصفحة ٢٦
المتناثرة في الفضاء، بإحالتها إلى البخار إذا اصطدمت به.
وقد جعل بعد الشمس عن الأرض بنظام دقيق متغير، لتحقق شرائط تكون المعادن ونمو النباتات والحيوان والإنسان، من جهة النور والحرارة، على أحسن وجه!
ونظمت حركات الأرض الوضعية والانتقالية، لكي يوجد في أكثر الأرض ليل ونهار، وطلوع وغروب، ويحصل بطلوعها النور والضوء في حياة الإنسان فيشرع في فعالياته لأمر معاشه، وأما عند غروبها فيوافي الليل بكلكله وينشر ظلامه لتوفير الهدوء والسكون اللازم لإدامة الحياة بتجديد النشاط، فلا استدامة لإشعاع الشمس، ولا انقطاع له كليا لئلا يختل نظام الحياة {وهو الذي جعل الليل و النهار خلفة لمن أراد أن يذكر} (1)، {ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله} (2)، {قل أرءيتم إن جعل الله عليكم الليل سرمدا إلى يوم القيمة من إله غير الله يأتيكم بضياء أفلا تسمعون} (3).
فالنور والظلمة، والليل والنهار - مع ما بينهما من غاية التضاد - متفقان متعاونان، آخذ كل منهما بيد الآخر لأجل هدف واحد! فالنهار يجعل ما في الأرض، والليل يجعل ما في السماء في معرض رؤية الإنسان، لكي يكون ملك الأرض والسماء وملكوتهما في معرض بصره وبصيرته.
فالليل والنهار يورقان صفحات كتاب الوجود للإنسان لكي يقرأ آيات ربه في صفحة الأرض والسماء {أو لم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض وما خلق

(٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 ... » »»