مقدمة في أصول الدين - الشيخ وحيد الخراساني - الصفحة ٢٢
فتجيش بالعاطفة على فراخها، تحافظ عليها وتحميها، وتجعل صدرها درعا يقيها، وتبقى هذه الحالة العاطفية طوال المدة التي تحتاج إليها حتى تستعد لإدامة الحياة بنفسها.
ألا يكفينا التأمل في بيضة واحدة لأن يهدينا إلى الذي {خلق فسوى * والذي قدر فهدى} (1)، ومن هنا قال الإمام (عليه السلام): (أترى لها مدبرا؟ قال: فأطرق مليا، ثم قال:
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، وأنك إمام وحجة على خلقه، وأنا تائب مما كنت فيه).
* إن العالم القدير الحكيم، الذي ربى الحبة في ظلمة التربة، وربى الفرخ في ظلمة البيضة، كل واحد لأجل هدف وغرض معين، هو الذي ربى نطفة الإنسان في ظلمات البطن والرحم، من أجل هدف وغرض معين، تلك النطفة التي كانت في أولها ذرة لا يدركها الطرف، فاقدة لجميع الأعضاء والقوى الإنسانية، فجهزها بأنواع الأجهزة للحياة خارج الرحم، فقد جهزها - على سبيل المثال - بعظام على مختلف أشكالها ومقاديرها تتناسب مع وظائفها، وأضاء مشعل الإدراك فيه بواسطة دماغه بعجائب صنعة تتحير فيها العقول، وأبقى على حرارة الحياة فيه بنبضات القلب التي لا يفتر عنها ليلا ونهارا ويفوق عددها الملايين في كل سنة.
إن التأمل في تركيب أبسط عضو من بدن الإنسان يكفي للإيمان بتقدير الخالق العزيز العليم، فالأسنان - مثلا - خلقت في ثلاثة أقسام: الثنايا في

(٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 ... » »»