دخل رجل من الزنادقة على علي بن موسى الرضا (عليه السلام) وعنده جماعة، فقال له أبو الحسن (عليه السلام):
أيها الرجل أرأيت إن كان القول قولكم - وليس هو كما تقولون - ألسنا وإياكم شرعا سواء، ولا يضرنا ما صلينا وصمنا وزكينا وأقررنا؟ فسكت.
فقال أبو الحسن (عليه السلام): وإن يكن القول قولنا - وهو كما نقول - ألستم قد هلكتم ونجونا؟
فقال الرجل: رحمك الله فأوجدني كيف هو، وأين هو؟
قال: ويلك إن الذي ذهبت إليه غلط، هو أين الأين وكان ولا أين، وهو كيف الكيف وكان ولا كيف، ولا يعرف بكيفوفية ولا بأينونية، ولا يدرك بحاسة ولا يقاس بشئ.
قال الرجل: فإذا إنه لا شئ، إذ لم يدرك بحاسة من الحواس!
فقال أبو الحسن (عليه السلام): ويلك لما عجزت حواسك عن إدراكه أنكرت ربوبيته، ونحن إذا عجزت حواسنا عن إدراكه أيقنا أنه ربنا خلاف الأشياء.
قال الرجل: فأخبرني متى كان؟
فقال أبو الحسن (عليه السلام): أخبرني متى لم يكن، فأخبرك متى كان.
قال الرجل: فما الدليل عليه؟
قال أبو الحسن (عليه السلام): إني لما نظرت إلى جسدي فلم يمكني فيه زيادة ولا نقصان في العرض والطول، ودفع المكاره عنه، وجر المنفعة إليه علمت أن لهذا البنيان بانيا فأقررت به، مع ما أرى من دوران الفلك بقدرته، وإنشاء السحاب، وتصريف الرياح، ومجرى الشمس والقمر والنجوم، وغير ذلك من الآيات العجيبات المتقنات علمت أن لهذا مقدرا ومنشئا) (1).
ومعنى قول الإمام (عليه السلام): " ولا يضرنا ما صلينا وصمنا... " أن الوظائف الدينية من الايمان والعمل الصالح وترك المنكرات موجبة لطمأنينة الروح وصلاح المجتمع، وهذه