والموجود الذي لا حد له فهو واحد لا يتصور له ثان، لأن تصور الثاني له مستلزم لتحديده بعدم الثاني، والمحدود مركب من الوجود والعدم، وكل مركب محتاج إلى ما يتركب منه، فالشرك في الألوهية ينتهي إلى افتقار الإله إلى العدم، فهو سبحانه أحدي الذات والصفات، فليس له ثان متحقق ولا متصور.
الدليل الرابع:
إن وحدة النظم في أجزاء العالم وفي كل العالم تثبت وحدة الناظم.
فإن التدقيق في النظم والتركيب لكل جزء من أجزاء كل واحد من جزئيات أنواع الكائنات، وارتباط أنواع الكائنات كل واحد بالآخر يكشف عن أن الجزء والكل مخلوقان لخالق واحد عليم قدير حكيم.
إن تركيب أجزاء شجرة، وأعضاء حيوان وقواه، وارتباط بعضها ببعض، وارتباطها بالأرض والشمس، وارتباط المنظومة الشمسية بسائر المنظومات والمجرات وبكلمة: إن تركيب الذرة الواحدة من نواتها وما يدور حولها إلى تركيب الشمس والسيارات والمجرات، يكشف عن أن خالق الذرة والشمس والمجرة واحد {و هو الذي في السماء إله وفي الأرض إله وهو الحكيم العليم} (1)، {يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون * الذي جعل لكم الأرض فرشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون} (2).