ونكتفي بذكر حديث أورده الفخر الرازي في تفسيره، قال:
(المسألة الثانية: روي أنه (عليه السلام) لما أورد الدلائل على نصارى نجران ثم إنهم أصروا على جهلهم، فقال (عليه السلام): إن الله أمرني إن لم تقبلوا الحجة أن أباهلكم.
فقالوا: يا أبا القاسم، بل نرجع فننظر في أمرنا ثم نأتيك. فلما رجعوا قالوا للعاقب، وكان ذا رأيهم: يا عبد المسيح ما ترى؟ فقال: والله لقد عرفتم يا معشر النصارى أن محمدا نبي مرسل، ولقد جاءكم بالكلام الحق في أمر صاحبكم، والله ما باهل قوم نبيا قط، فعاش كبيرهم ولا نبت صغيرهم، ولئن فعلتم لكان الاستئصال، فإن أبيتم إلا الإصرار على دينكم، والإقامة على ما أنتم عليه، فوادعوا الرجل وانصرفوا إلى بلادكم.
وكان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) خرج وعليه مرط من شعر أسود، وكان احتضن الحسين وأخذ بيد الحسن، وفاطمة تمشي خلفه، وعلي (رضي الله عنه) خلفها، وهو يقول: إذا دعوت فأمنوا.
فقال أسقف نجران: يا معشر النصارى، إني لأرى وجوها لو سألوا الله أن يزيل جبلا من مكانه لأزاله بها، فلا تباهلوا فتهلكوا ولا يبقى على وجه الأرض نصراني إلى يوم القيامة، ثم قالوا: يا أبا القاسم، رأينا أن لا نباهلك وأن نقرك على دينك.
فقال صلوات الله عليه: فإذا أبيتم المباهلة فأسلموا، يكن لكم ما للمسلمين وعليكم ما على المسلمين، فأبوا، فقال: فإني أناجزكم القتال، فقالوا: ما لنا بحرب العرب طاقة، ولكن نصالحك على أن لا تغزونا ولا تردنا عن ديننا، على أن نؤدي إليك في كل عام ألفي حلة، ألفا في صفر، وألفا في رجب، وثلاثين درعا عادية من حديد.
فصالحهم على ذلك، وقال: والذي نفسي بيده، إن الهلاك قد تدلى على أهل نجران، ولو