قادرا على تشغيلها واستخدامها للإنتاج، بل يترك اختيار المدير والمهندس لذلك المصنع إلى أناس ليس لهم معرفة بأحوال تلك الأجهزة ودقائق صنعها وظرافة تشغيلها.
فهل أن الدقة والظرافة للمعارف والسنن والأحكام الإلهية لجميع مجالات الحياة، التي هي أجهزة مصنع دين الله أقل من أجهزة ذلك المصنع؟!
وهل أن إنتاجها الذي هو أغلى جواهر الوجود وهو كمال الإنسانية بمعرفة الله تعالى وعبادته، وتعديل شهوة الإنسان إلى العفة، وغضبه إلى الشجاعة، وفكره إلى الحكمة، وإقامة المدينة الفاضلة على أسس العدل والقسط، هل ذلك أقل قدرا من إنتاج مصنع الجواهر؟!
إن الكتاب الذي بعث الله به رسوله ووصفه بأنه {و نزلنا عليك الكتب تبينا لكل شئ وهدى ورحمة} (1)، وقال عنه: {كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور} (2)، وقال عنه: {و ما أنزلنا عليك الكتب إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه} (3) وضمنه كل ما يحل اختلاف الناس على اختلاف مراتبهم ويميز لهم الحق والباطل، يحتاج إلى مبين يستخرج منه ما هو تبيان له، ولابد أن يكون محيطا بالظلمات الفكرية والأخلاقية والعملية، وما يقابلها من النور، حتى يخرجهم من تلك الظلمات، ويهديهم إلى ذلك النور، ويبين لهم الحق والباطل فيما اختلفوا فيه؟!
ولا مناص من أن يكون عالما بالحق والباطل في كل ما اختلف فيه الناس،