وحاصل ما ذكره مبني على نزول القرآن في مورد نساء النبي، وأنه سبحانه علل خطاباته لهن بأنه يريد من هذه التكاليف إذهاب الرجس عنهن، ويكون المعنى أن التشديد في التكاليف وتضعيف الثواب والعقاب ليس لانتفاع الله سبحانه به، بل لإذهاب الرجس عنكن وتطهيركن.
ولا يخفى أن ما ورد في الآيات من الأحكام ليست أحكاما خاصة بنساء النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فهذا قوله سبحانه قبل آية التطهير: * (وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله) *. (1) وهذا قوله سبحانه بعد الآية: * (واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة...) * كلها أحكام عامة لنساء المسلمين، فالله سبحانه بهذه التكاليف يريد أن يطهر الكل وإذهاب الرجس عن عموم النساء، لا عن زوجات النبي خاصة، وعندئذ لا وجه لتخصيصهن بالخطاب بالعناية التي عرفت.
وإنما ذهب بعض الجمهور إلى ما ذهب، لأجل أنهم تصوروا نزول الآية في حق نساء النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فاحتالوا لتفسير الإرادة بما ذكره سيد قطب ونظراؤه، وإنما ذهبوا إلى ذلك بزعمهم اتصال الآية بما قبلها من الآيات، مع أنه سيوافيك أن الآية آية التطهير آية مستقلة لا صلة لها بما قبلها ولا ما بعدها، وإنما وضعت في هذا الموضع لمصلحة خاصة سنشير إليها، والأحاديث بكثرتها البالغة ناصة على نزول الآية وحدها، ولم يرد نزولها في ضمن آيات نساء النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولا ذكره أحد حتى أن القائل باختصاص الآية بأزواج النبي ينسب القول إلى عكرمة وعروة لا إلى الرواية.
فالآية لم تكن بحسب النزول من آيات النساء، ولا متصلة بها، وستوافيك