المدح والتعظيم لهم بغير شك وشبهة ولا مدح في الإرادة المجردة، فثبت الوجه الثاني، وفي ثبوته ثبوت عصمة المعنيين بالآية من جميع القبائح. (1) وقال السيد ابن معصوم المدني في تقريب دلالة الآية على عصمة المعنيين بالآية: إن لفظة * (إنما) * محققة لما أثبت بعدها، نافية لما لم يثبت، فإن قول القائل إنما لك عندي درهم، وإنما في الدار زيد، يقتضي أنه ليس له عنده سوى درهم وليس في الدار سوى زيد، إذا تقرر هذا فلا تخلو الإرادة في الآية أن تكون هي الإرادة المطلقة أو الإرادة التي يتبعها التطهير وإذهاب الرجس، فلا يجوز الوجه الأول، لأن الله تعالى قد أراد من كل مكلف هذه الإرادة المطلقة، فلا اختصاص لها بأهل البيت دون سائر الخلق. وهذا القول يقتضي المدح والتعظيم لهم بغير شك ولا شبهة ولا مدح في الإرادة المجردة، فثبت الوجه الثاني، وفي ثبوته ثبوت عصمة المعنيين بالآية من جميع القبائح، لأن اللام في الرجس للجنس، ونفي الماهية نفي لكل جزئياتها، وقد علمنا أن من عدا ما ذكرناه من أهل البيت حين نزول الآية غير مقطوع على عصمته، فثبت أن الآية مختصة بهم، لبطلان تعلقها بغيرهم. وما اعتمدوا عليه من أن صدر الآية وما بعدها في الأزواج، فجوابه أن من عرف عادة العرب العرباء في كلامهم وأسلوب البلغاء والفصحاء في خطابهم لا يذهب عليه أن هذا من باب الاستطراد، وهو خروج المتكلم من غرضه الأول إلى غرض آخر ثم عوده إلى غرضه الأول، واتفقت كلمة أهل البيان على أن ذلك من محاسن البديع في الكلام نثرا ونظما والقرآن المجيد وخطب البلغاء وأشعارهم مملوءة من ذلك. (2)
(٢٠٦)