مفاهيم القرآن (العدل والإمامة) - الشيخ جعفر السبحاني - ج ١٠ - الصفحة ٢٠١
يصل إلى أنها موضوعة بمعنى القذارة التي تستنفر منها النفوس، سواء أكانت مادية، كما وردت في الآيات، أم معنوية كما هو الحال في الكافر وعابد الوثن ووثنه.
فلو وصف به العمل القبيح عرفا أو شرعا، فلأجل أن العمل القبيح يوصف بالقذارة التي تستنفرها الطباع السليمة، وعلى هذا فالمراد من الرجس في الآية هي الأعمال القبيحة عرفا أو شرعا، ويدل عليه قوله سبحانه بعد تلك اللفظة:
* (ويطهركم تطهيرا) *، فليس المراد من هذا التطهير إلا تطهيرهم من الرجس المعنوي الذي لا تقبله النفوس السليمة.
وقد ورد نظير قوله: * (ويطهركم تطهيرا) * في حق السيدة مريم عليها السلام، قال سبحانه: * (إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين) *. (1) نعم: إن لتطهير النفوس وطهارتها مراتب ودرجات، ولا تكون جميعها مستلزمة للعصمة، وإنما الملازم لها هو الدرجة العليا، قال سبحانه: * (فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين) *. (2) قال العلامة الطباطبائي: الرجس - بالكسر والسكون - صفة من الرجاسة وهي القذارة، والقذارة هيئة في النفس توجب التجنب والتنفر منها، وهي تكون تارة بحسب ظاهر الشئ كرجاسة الخنزير، قال تعالى: * (أو لحم خنزير فإنه رجس) * وبحسب باطنه، أخرى، وهي الرجاسة والقذارة المعنوية كالشرك والكفر وأثر العمل السئ، قال تعالى: * (وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا إلى رجسهم وماتوا وهم كافرون) * (3)، وقال: * (ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا

(٢٠١)
مفاتيح البحث: المرض (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 194 195 197 199 200 201 202 203 204 205 206 ... » »»