مفاهيم القرآن (العدل والإمامة) - الشيخ جعفر السبحاني - ج ١٠ - الصفحة ١١٤
ولا يمكن لنا إنكار هذه الروايات المتضافرة لو لم تكن متواترة، فإن اجتماعهم على الكذب أو على السهو والاشتباه أمر مستحيل.
والمراد من الولي في الآية المباركة هو الأولى بالتصرف كما في قولنا:
فلان ولي القاصر، وقول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم " أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل " وقد صرح اللغويون ومنهم الجوهري في صحاحه بأن كل من ولي أمر أحد فهو وليه، فيكون المراد: إن الذي يلي أموركم فيكون أولى بها منكم إنما هو الله عز وجل ورسوله ومن اجتمعت فيه هذه الصفات: الإيمان وإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة في حال الركوع. ولم يجتمع يوم ذاك إلا في الإمام علي عليه السلام حسب النصوص المتضافرة.
وفي حقه نزلت هذه الآية.
والدليل على أن المراد من الولي هو الأولى بالتصرف أنه سبحانه أثبت في الآية الولاية لنفسه ولنبيه ولوليه على نسق واحد، وولاية الله عز وجل عامة فولاية النبي والولي مثلها وعلى غرارها. غير أن ولاية الله، ولاية ذاتية وولاية الرسول والولي مكتسبة معطاة، فهما يليان أمور الأمة بإذنه سبحانه.
ولو كانت الولاية المنسوبة إلى الله تعالى في الآية غير الولاية المنسوبة إلى الذين آمنوا " لكان الأنسب أن تفرد ولاية أخرى للمؤمنين بالذكر، دفعا للالتباس، كما نرى نظيرها في الآيات التالية:
قال تعالى: * (قل أذن خير لكم يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين) *. (1) نرى أنه سبحانه كرر لفظ الإيمان، وعداه في أحدهما بالباء، وفي الآخر

(١١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 ... » »»