مع الخطوط العريضة لمحب الدين الخطيب - أبو محمد الخاقاني - الصفحة ٤٦
فمن البعيد جدا أن يمضي رسول الله من هذه الدنيا ثم لا يأمر بجمع ما نزل عليه من سور وآيات يريد أن يتحدى بها الكافرين عامة، ويريد أن يجعلها نبراسا لأمته ومرجعا لمن أراد أن يرجع لأصول الدين وفروعه. وقوله صلى الله عليه وآله وسلم أني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله و.. يدل على أن كتاب الله كان مجموعا ومهيئا للرجوع له، وهكذا قول عمر في ذلك الحين. يكفينا كتاب الله ما فرط الله فيه من شئ، فإن هذه قرائن صحيحة تدل على أنه كان مجموعا وجاهزا للرجوع والاستفادة منه في المهمات والأزمات. وإذا ثبت أنه جمع فليس هناك من جامع له إلا علي بن أبي طالب لأنه هو الشخص الوحيد من كتاب الوحي الذي كان طوع أمر الرسول وحاضرا عنده في سفره وحضره، وهو الذي لازمه ملازمة الظل من أول بعثته أي من أول نزول الوحي إلى ساعة وفاته. بالإضافة لما لعلي من قابلية ذاتية، وما له من حرص شديد على ذلك.
وإذا لم يكن علي قد جمعه في حياة الرسول فإنه قد جمعه بعد وفاته فقد روي أنه آلى أن لا يضع ردائه حتى يجمع القرآن. وقد شوهد هذا القرآن عند أبناءه.
وما أدري ما هو الأمر الذي منع رسول الله من جمع القرآن، وهو الأمر الحيوي الذي لا غنى للمسلمين بدونه، أتكون عبقرية عمر الذي أمر بجمعه أدرك للأمور من عبقرية محمد؟ إن أهم الأحداث التي تقع بعد موت صاحب الرسالة، هو من الذي
(٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 ... » »»