أن يقوم بمثل هذا الأمر لما قدمنا من ملازمته الرسول مدة النبوة واتصاله به واطلاعه على أسراره. فهو وحده صاحب هذه المؤهلات من كتاب الوحي. فلماذا يستبعد الخطيب أن يكون علي قد جمعه.
وهنا يوجه الخطيب إشكاله المتقدم، لماذا لم يخرج قرآنه في أيام خلافته، وأن عدم إخراجه خيانة للمسلمين.
وهنا يأتي جوابنا الصحيح لهذه المقالة. أنه لم يخرجه لمصلحة المسلمين، فإن قرآن عثمان قد انتشر انتشارا كبيرا حتى أنه روي أن المصاحف التي رفعت يوم صفين في خدعة ابن العاص بلغت 600 مصحف أترى بعد هذا أن عليا لو أخرج القرآن الذي جمعه لاتبعه المسلمون؟ ولأخذوا بجمعه وتركوا قرآن عثمان؟ أنه لو فعل ذلك لانقسم المسلمون وأخذ بعضهم بهذا وأخذ الآخرون بذلك. وحينئذ يقع الخلاف والشقاق وعلي لا يريد الخلاف والشقاق في أمة محمد ويردها أن تكون أمة واحدة قوية الجانب محفوظة من كل ما يضعضع من كيانها ويحط من معنوياتها.
وعلى هذا رد على أبي سفيان حين تبرع له بأن يملأ المدينة خيلا ورجالا في يوم السقيفة لعلمه عليه السلام بأن ذلك يؤول إلى انشقاق صفوف الأمة. وكان أبو سفيان يرغب في هذا الأمر، ولكن عليا لن يحيد عن مصلحة الإسلام والمسلمين.
إن الخلاف الذي يقع لو أخرج قرآنا غير هذا القرآن،