مع الخطوط العريضة لمحب الدين الخطيب - أبو محمد الخاقاني - الصفحة ٥٠
ولكن طول الزمن وبعدهم عن مدينة الرسول واختلاطهم مع غير العرب. وتسلسل الحفظ بعضهم من البعض أوقع الخلافات في القراءات فشكوا ذلك للخليفة عثمان وأنذروه من مغبة الأمر.
فطلب الخليفة عثمان النسخة الأولى من ابنة أبي بكر وجمع عليها خمسة من القراء لتصحيحها ثم كتب نسخا من ذلك بثها في أطراف البلاد وأبقى نسخة واحدة في المدينة وأمر بإعدام ما كتب من غير هذا وقد قابل المسلمون هذا النسخ بما يليق بهم كمسلمين محتاجين للقرآن في عباداتهم ومعاملاتهم. فكتبوا نسخ عديدة منه وصاروا يتنافسون في كتابته ويتسابقون على اقتنائه. حتى روي أنه في حرب صفين رفع 600 مصحف على الرماح في خدعة ابن العاص المعروفة.
وهنا يتبادر لذهن كل إنسان سؤالان: أولهما: أن رسول الله كان يعلم بدنو أجله فيكف لم يأمر بجمعه مع علمه بحاجة أمته له ومع علمه بوقوع الحوادث من بعده. وثانيهما: كيف لم يدخل عثمان عليا مع المصححين. وعلي هو الشخص الوحيد الذي لازم صاحب الرسالة من أول نزول الوحي إلى يوم انقطاعه، بالإضافة لما له من استعداد ذاتي بالنسبة للقرآن وآياته.
وهذان السؤالان يأتيان على ما يقول الشيعة. فإن رسول الله أمر عليا بجمعه فجمعه، ونادى مرارا أني مخلف فيكم ما أن تمسكتم به لن تضلوا أبدا. كتاب الله و ... ولم يطلبه منه المسلمون لأنهم لا يريدون أن يظهروا حاجتهم لعلي عليه السلام ولم
(٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 ... » »»