الثانية: حصر حجية الخبر بخبر من قولهم حجة عقلا وشرعا، وهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وأهل بيته الأطهار (عليهم السلام)، مع الاستئناس بما ورد عن الصحابة في التفسير موقوفا عليهم، أو بمراسيل التابعين لا بنحو الاحتجاج بالموقوف أو المرسل، وإنما لنكتة ستأتي قريبا.
وهذه الميزة مهمة جدا على المستويين العامي والإمامي معا.
أما على الأول، فإنه من الواضح أنه لم يلتزم أحد من مفسري العامة بحصر حجية الخبر بما حصره الشيخ (رضي الله عنه).
وأما على الثاني، فإن تفاسير الشيعة الإمامية قبل تفسير التبيان وإن حصرت ذلك بذلك، إلا أنها لم تتعرض إلى ما عند القوم من روايات - مرفوعة، أو موقوفة، أو مرسلة - لكي يكتشف من خلالها قوة الفكر الإمامي، وسلامة متبنياته التفسيرية المستمدة من مدرسة أهل البيت (عليهم السلام).
والواقع أن هذه الميزة الفريدة كشفت لنا بوضوح عما يؤيد مذهبنا من روايات العامة الواردة في تفسيرهم القرآن العظيم.
الثالثة: لم يكتف الشيخ (رضي الله عنه) بالتصريح المتقدم حول عدم جواز التفسير بالرأي، وإنما حذر منه، وكشف عن أخطاء المفسرين الذين اعتمدوه بعينات كثيرة جدا في التبيان، لكي لا يغتر أحد بها فيحمل كتاب الله تعالى على تلك الآراء الباطلة البعيدة عن الحقيقة والواقع.
وبهذا يكون الشيخ (رضي الله عنه) قد أسدى خدمة جليلة للقرآن الكريم، لم يسبقه إليها سابق بتلك الصورة من الشمول والاستيعاب، إذ رد على كثير من الآراء كما سنبينه - بإذنه تعالى - في الكشف عن دوره في مجال النقود والردود، مستغلا في ذلك ثقافته الموسوعية في التفسير وعلومه، كمعرفة