وفي هذا الكلام فائدة جليلة تضفي لونا آخر من الاستدلال - زيادة على ما مر في حصر الاستدلال بالخبر الصحيح -.
وخلاصة تلك الفائدة: حرص الشيخ الطوسي (قدس سره) على نقاوة تفسيره وصفائه وعدم تعكيره بالأخبار المعلولة متنا، لا سيما التي تمس المبادئ الإسلامية الثابتة عقلا وشرعا، وأنه لا بد من ضربها عرض الجدار وإن صح سندها عند بعضهم، وتناقلها المحدثون في كتبهم.
ومن ذلك حديث أبي هريرة الذي لا نشك بأخذه عن كعب الأحبار، ذلك اليهودي الخبيث الداهية الصلف، وإن ورد مرفوعا إلى النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) بكتب الحديث، وقد طعن فيه أبو هريرة بصدق إبراهيم خليل الرحمن (عليه السلام) من أنه كذب ثلاث كذبات، في ما أخرجه عنه البخاري ومسلم وغيرهما (1).
وخبر أبي هريرة هذا قد طعن فيه الفخر الرازي صراحة، واتهم رواته بالكذب، فقال عنه في تفسيره ما هذا نصه:
" قلت لبعضهم: هذا الحديث لا ينبغي أن يقبل، لأن نسبة الكذب إلى إبراهيم (عليه السلام) لا تجوز.