مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٥٠ - الصفحة ٢٣٢
رؤوس الضلال من هذه الأمة - ومنهم يزيد لعنه الله - فرقا بينا، وذلك أن أحدا من المسلمين لا يورث عنده الإمساك عن لعن إبليس شبهة في أمر إبليس، والإمساك عن لعن يزيد وأضرابه يثير شبهة عند كثير من المسلمين في أمرهم، وتجنب ما يورث الشبهة في الدين واجب، فلهذا لم يكن الإمساك عن لعن إبليس نظيرا للإمساك عن لعن غيره من رؤوس الضلال، فتنبه.
بل قد يكون اللعن واجبا وجزءا للإيمان إذا قصد به اللاعن البراءة من أعداء الله واقتصر عليه، فكيف يقال: إن المكلف لو سكت عن لعن من جاز لعنه لم يكن عاصيا بالإجماع (1)، إن هذا - والله - لمن عمى البصيرة، وخبث الطوية وسوء السريرة، نسأل الله السلامة من الخذلان.
وقد بلغ الغزالي من حنقه وحمقه أن زعم: أن الترحم على يزيد - لا رحمه الله - جائز، بل مستحب، بل داخل في قولنا: اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، فإنه كان مؤمنا. انتهى.
سبحانك اللهم هذا بهتان عظيم.
لكل داء دواء يستطب به * إلا الحماقة أعيت من يداويها وبه قال المتولي وصاحب الأنوار وغيرهما (2) ممن حرموا لعن يزيد اللعين، وقال ابن الصلاح الشهرزوري الشافعي في (فتاويه) (3): سب يزيد ولعنه ليس من شأن المؤمنين.
وهؤلاء ينبغي أن ينظموا في سلسلة أنصار يزيد - كما قال الشهاب الآلوسي (4) - حشرهم الله معه، وأذاقهم ما أذاقه، آمين.

(1) حياة الحيوان 2 / 176.
(2) الصواعق المحرقة: 223، قيد الشريد: 62.
(3) فتاوى ابن الصلاح: 38.
(4) روح المعاني 26 / 73.
(٢٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 227 228 229 230 231 232 233 234 235 236 237 ... » »»
الفهرست