التنبيه على الانفراد يعني المعرفة الواسعة بطرق الروايات وتتبع الأسانيد، وبما أن الصدوق (رحمه الله) قد ضعف بعض الأخبار بسبب ضعف رواتها أو انقطاع أسانيدها، كما نبه على بعض ما انفرد به الرواة كما في المورد المذكور وغيره، فقد يستنتج من ذلك بأن ما سكت عنه الصدوق (رحمه الله) هو من الصحيح المشهور المروي بطرق كثيرة.
ويرد عليه: إن كون أخبار الفقيه مروية بطرق عديدة، فهذا لا إشكال فيه، لأن خبر الآحاد الذي لم يعتضد بقرينة تشهد على صدقه لا يوجب علما ولا عملا عند القدماء، لا سيما الصدوق (رحمه الله)، الذي أورد ذلك في احتجاجات ابن قبة الرازي في مقدمة إكمال الدين (1) ويظهر منه البناء عليه.
وأما كونها صحيحة الإسناد، فهذا أول الكلام، إذ تقدم القول ببطلان دعوى أن الصدوق (رحمه الله) لم يعتمد في الفقيه على أخبار الضعفاء، وسيأتي البرهان عليه، وهذا لا يتنافى مع حكمه بصحة أخبار الفقيه كما جاء في مقدمته، لأنه يعني الاطمئنان بصدورها، وبنحو يجوز له التصريح بصحتها واعتبارها حجة وإن كانت ضعيفة سندا، ومن هنا قيل إن بين صحيح القدماء وصحيح المتأخرين العموم المطلق (2).
واللطيف أن هذا المعنى يستفاد من تنبيه الصدوق (رحمه الله) على بعض الانفرادات الأخرى في الفقيه:
منها: قوله في باب ما يجب على من أفطر أو جامع في شهر رمضان متعمدا أو ناسيا، عن رواية المفضل بن عمر، عن أبي عبد الله (عليه السلام): " لم أجد ذلك في شئ من الأصول، وإنما تفرد بروايته علي بن إبراهيم بن